الأربعاء, يونيو 18, 2025
الرئيسيةمقالاتالاتحاديون و الضجيج بلا طحين. ...

الاتحاديون و الضجيج بلا طحين. أ/ زين العابدين صالح عبد الرحمن

تعتبر الديمقراطية في الهند من أقدم الديمقراطيات في العالم، و التي صمدت أمام التحديات التي واجهتها، و رغم أختلاف زعماء الهند عن القاعدة الأساسية التي تمثل رمزية الديمقراطية في المجتمع.. إلا أنهم كانوا متفقين على أستمراريتها.. كان المهاتما غاندي يعتقد أن القرية في الهند تمثل رمزية الديمقراطية.. بمعنى أن تصبح القرية هي القاعدة التي تتمحور حولها فلسفة الديمقراطية، و هي كناية على وعي الجماهير، و القرية هي الوحدة الأصغر و أيضا تمثل قاعدة للفقر و عدم التعليم، و الانطلاق منها هو خلق الوعي و المعرفة المطلوبة بقضية الديمقراطية.. و نجد أن لال نهرو كان يعتقد أن البرلمان يمثل بيت الأمة للهند، و يجب أن يمثل كل المجتمع الهندي بكل طبقاته الاجتماعية، هذا الخلاف في كيفية ترسيخ و تمين الديمقراطية في المجتمع هو الذي جعل الديمقراطية تنمو و تبقى رغم الأزمات و التحديات التي واجهتا.. و معلوم أن الهند فيها تنوعا ثقافيا و سياسيا و أثنيا. و لكن استمرت الديمقراطية..

الصراع الذي حدث بين القيادات الاتحادية بعد ثورة إبريل 1985م، هو الذي جعل الحزب الاتحادي يتراجع دوره في المجتمع.. قبل ذلك التاريخ كانت قدرات و تأهيل العضو هي التي تمنحه الأحقية في الصعود لقمة الهرم ، و لكن في ظل الطائفة يصبح الولاء و النسب هو الذي يمثل الرافعة الأساسية للعضو. لذلك تراجع دور الحزب منذ ذلك التاريخ واصبح الحزب دوره أصغر من حجم قاعدته الجماهيرية، و هذا يرجع لآن القيادة نفسها تتخوف من القاعدة، فالاتصال أصبح ضعيفا بينهما، لآن الوعي القاعدي أفضل من الذي في قمة الهرم الأمر الذي يعقد عملية التواصل بينهما.. و هي حقيقة أن القاعدة تملك فهما و وعيا من القيادة.. هذا الأحساس في القيادة أدى إلي تراجع دور الحزب.. الأمر الذي جعل الحزب يستجدي الأخرين أن يجدوا له مكانا في ممارسة العمل السياسي و الصراع من أجل السلطة.. بالأمس قرأت خبر أن السيد محمد عثمان الميرغني قد عين ثلاثة مستشارين له، و خرج الخبر من الحزب لاتحادي الديمقراطي الأصل..

و في ذات اليوم وصلني أيضا بيانا ينقد التعين.. ، بالقول أن هناك مجموعة تحاول أستخدام أسم السيد الميرغني في إصدار البيانات، و أتخذ قرارات بأسم الميرغني .. يقول البيان ( طالعنا اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025) بيانا صادرا بإسم “الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل” بتعيين ثلاثة أشخاص مستشارين للسيد رئيس الحزب و يريد أصحاب البيان أن يوضحوا الأتي؛
أن السيد محمد سيد أحمد الجاكومي .. و هو عضو في حزب اتحادي أخر ضمن الجبهة الثورية.. السيد الباقر أحمد عبد الله هو انضم لحزب الشريف زين العابدين الهندي و كان منتظرا تعين وزاري… والسيد الفاتح تاج السر تم تعينه منذ فترة ناطقا رسميا بإسم الحزب و لكنه أختفى.. و يضيف البيان إن هناك مؤامرة كبيرة تحاك ضد الحزب بواسطة اشخاص منتفعين، و يتم الزج فيها بإسم مولانا السيد محمد عثمان الميرغني.. و لذلك يؤكدون أن هذه القرارات باطلة.. هل قرار التعين هو الباطل لوحده، أم هناك قرارات اشتركوا فيها جميعا مستخدمين فيها أسم الميرغني رغم علمهم جميعا أن الرجل قد طعن في السن ..

أن ختام البيان يخفي القول الصراح ” أن السيد الميرغني بلغ من العمر عتيا “و بالتالي لا يستطيع أن يصدر بيانات، أنما هناك مجموعة هي التي تستثمر كبر سن الميرغني في إصدار بيانات لكي تحقق بها منافع شخصية ليست لها علاقة بالسيد الميرغني، المشكلة الأساسية أن الصراع يتمحور بين أبناء الميرغني الثلاث ” جعفر و الحسن و المحجوب” و كل واحد منهم يتخذ له مجموعة تدعي هي المجموعة الناجية التي يؤيدها السيد الميرغني دون الآخرين.. رغم أن كل المجموعات التي حول أبناء الميرغني جميعهم جاءوا بالتعيين، و كلهم يمارسوا ذات اللعبة.. الأمر الذي أضعف دور الحزب السياسي..

الواضح من هذا “المللوج” أن مجموعة جعفر الميرغني هي التي عينت الثلاثة مستشارين للسيد الميرغني، و أن مجموعة الحسن هي التي أصدرت بيان الاحتجاج، رغم أن مجموعة المحجوب لزمت الصمت.. لكن أريد أن أسأل صديق محمد سيد احمد الجاكومي أن انتقادك إلي حديث جبريل إبراهيم أن هناك وزارات بعينها تتبع إلي الموقعين على أتفاقية جوبا.. و نفيك ذلك بأن الاتفاقية لا تنص على ذلك هل يعني ذلك انتهاء شهر العسل مع التحالف مع الحركات؟ و هل أنتهى شهر العسل بينكم ،و يحاول الكل البحث عن مصالحه دون الآخرين؟ و هل معتز الفحل موجودا الآن في بورتسودان و ضمن الذين يريد استشارتهم رئيس الوزراء كامل أدريس في عملية تعين الوزراء؟

أن البيان رغم أنه يحاول أن يكشف موقف سالب للآخرين، وقف عند حدود المشكلة و لكنه لم يستطيع أن يبين لماذا حدث ذلك و ما هو العلاج؟ أن تعميق الأزمة السياسية في البلاد هي ناتجة عن قصور في تقديم الحلول، أو حتى تقديم مشروعات يكف فيها الناس بالحوار لكي يصلوا إلي مشتركات.. فإذا كان داخل الحزب الواحد خللا بنيويا و فكريا تعجز القيادات معالجته، لذلك يؤدي إلي تشققات في الحزب الواحد، و هي مشكلة سوف تواجه البلاد حتى إذا وقفت الحرب غدا.. لآن العقل السياسي مازال يتمحور فقط حول قضية كيف ” الوصول للسلطة” دون التفكير في معالجة مسببات الضعف السياسي.. نسأل الله حسن البصيرة..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات