الأربعاء, يونيو 18, 2025
الرئيسيةمقالاتعمق المشهد ...

عمق المشهد حفتر والمليشيات: تحالف ضد السيادة السودانية. بقلم:عصام حسن علي

يشكّل التدخل العسكري المباشر لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في الحرب الدائرة بالسودان تطورًا خطيرًا ينطوي على انتهاك صارخ لسيادة الدولة السودانية، ويمثّل خرقًا للقانون الدولي ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ويأتي هذا التدخل ضمن سياق إقليمي مضطرب، تتداخل فيه الحسابات الأمنية والعسكرية والسياسية، في محاولة لإعادة تشكيل موازين النفوذ في المنطقة على حساب استقرار السودان.

لم تعد التحركات القادمة من الجنوب الليبي مجرد دعم غير مباشر أو تسهيلات لوجستية، بل باتت تشكّل تدخلًا عسكريًا فعليًا منسقًا مع المليشيات المتمردة التي تواصل هجماتها على الجيش السوداني في مختلف الجبهات.
هذه المشاركة تتجاوز الدعم الرمزي أو السياسي، وتمثل مشاركة فعلية في العمليات القتالية، بما في ذلك نقل العتاد، وتوفير الإسناد، وإدارة خطوط الإمداد عبر الحدود.

هذا الانخراط غير المشروع لا يمكن فصله عن الأجندة الإقليمية التي تعمل على إضعاف السودان وإغراقه في مزيد من الفوضى.
فالدعم الذي تتلقاه مليشيا الجنجويد من أطراف إقليمية، وفي مقدمتها (دويلة الإمارات) ، يظهر كعنصر رئيسي في تعقيد الأزمة وإطالة أمدها، ويعكس توجهًا واضحًا نحو تقويض الدولة السودانية وإفراغها من مؤسساتها الوطنية.

إن التدخل العسكري الخارجي، سواء جاء عبر قوات نظامية أو عبر دعم مليشيات غير شرعية، يشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي السوداني، ويمثّل عدوانًا على الأرض والشعب والسيادة. السودان، وهو يخوض معركة مصيرية للحفاظ على وحدته واستقلال قراره، يواجه اليوم تحديًا غير مسبوق يتمثل في هذا العدوان الخارجي المركّب، الذي يوظف أدوات محلية لتفتيت البلاد من الداخل.

غير أن الشعب السوداني، بتاريخ نضاله الطويل، وبجيشه الوطني الذي ظل عماد السيادة، لا يمكن أن يقبل بواقع الاحتلال المقنّع أو السيطرة بالوكالة. وما يجري اليوم ليس سوى امتداد لحقبة استعمارية بأدوات جديدة، لكنه سيواجه بالصلابة ذاتها، والإرادة التي أفشلت على الدوام كل محاولات الهيمنة الأجنبية.

إن الدفاع عن السودان لا يقتصر على البندقية وحدها، بل يشمل الموقف الوطني الموحد، والرفض الشعبي لأي وصاية أو تدخل، والوعي بطبيعة المعركة التي لم تعد داخلية فحسب، بل إقليمية الطابع والأهداف. ورغم قسوة المعركة، يظل الانتصار للشعوب التي لا تساوم على سيادتها، والتي تملك من الإرادة ما يجعلها تتجاوز كل محاولات الإخضاع والتقسيم.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات