السبت, يونيو 7, 2025
الرئيسيةسياسة(ضمن سلسلة "رُعب الخيانة وبأس النصر") ...

(ضمن سلسلة “رُعب الخيانة وبأس النصر”) إلى دولة رئيس الوزراء: السودان يحتاج قيادة تُعلي شأن الوطن لا الولاءات الضيقة. بقلم: عبدالقادر عمر محمد عبدالرحمن

دولة رئيس الوزراء الدكتور كامل الطيب إدريس،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد تابعنا خطابكم الأخير الذي أشرتم فيه إلى عزمكم على المضي بالسودان نحو مشروع وطني يتجاوز المحن، ويستعيد للسودان مكانته وهيبته. ونحن نرى في هذا الطرح بارقة أمل، لكنها لن تُثمر إلا إذا توافرت لها قيادة واقعية صلبة، وإرادة سياسية وطنية تترفع عن الجهوية والولاءات الحزبية الضيقة.

إن السودان ليس مجرد جغرافيا، بل هو أرض لتنوع مذهل: سياسي، وعرقي، وثقافي، وديني. شعبه ليس تابعًا لعرق واحد أو لسان واحد، بل هو جسر إنساني عميق، أسهم في حركة التاريخ، ويمتلك مخزونًا حضاريًا ضاربًا في أعماق الأرض، من مروي إلى علوة ومن سنار الى سوبا، ومن الفونج إلى الفور والمهدية، وكلها تُبرهن أن السودان أمة ذات أصالة وقدرة على إثراء التجربة الإنسانية جمعاء.

لكن هذه القوة الحضارية لم تُستثمر كما يجب، لأنها ظلت رهينة لنخب سياسية فشلت في بناء مشروع وطني جامع، وتنازعت البلاد عبر أطر ضيقة، تارة بالجهة، وتارة بالحزب، وأخرى بالقبيلة، حتى باتت الدولة السودانية في مواجهة حقيقية مع التفكك والضياع.

اليوم، ومع حرب الكرامة التي يخوضها شعبنا وجيشنا الباسل ضد التمرد والخيانة والغدر، تطل علينا لحظة تاريخية نادرة، يمكن أن تُعيد ترتيب البيت السوداني على أسس جديدة، شرط أن تتوافر لها قيادة:

تُؤمن بوحدة السودان كأولوية عليا.

تُخضع السلاح لسلطة الدولة لا للقبيلة.

تُعلي المواطنة المتساوية فوق كل تصنيف أو انتماء.

وتبني مؤسسات عادلة، لا تُكافئ الانتهاك، بل تُعلي شأن القانون والمساءلة.

نقولها صراحة يا دولة الرئيس:
إن السودان لا تنقصه العقول ولا الموارد، بل تنقصه القيادة الوطنية التي تؤمن به كله، لا ببعضه، وتخاطب الناس كمواطنين لا كأبناء قبائل أو جهات.

نحن لا نريد حاكمًا يملك مجرد الخطب الرنانة، بل نريد قائدًا يملك الإرادة لتحويل التنوع إلى طاقة نهضة، لا أداة صراع.

ختامًا، هذه فرصتكم، لا لتكونوا مجرد رئيس وزراء في حقبة انتقالية، بل لتكونوا القائد الذي يلتف حوله السودانيون من الجنينة إلى القضارف، ومن حلفا إلى ابيي، من أجل تأسيس دولة تُبنى على الوحدة والعدالة لا على الغلبة والسلاح.

والله ولي التوفيق.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات