السبت, يونيو 7, 2025
الرئيسيةمقالاتسيدي كامل إدريس..إزرع القرب .. تجني الولاء .. ...

سيدي كامل إدريس..إزرع القرب .. تجني الولاء .. بقلم د.إسماعيل الحكيم…


يسرني أن أتقدم بالتهنئة العابقة لكم قرائي الميامين وأتمنى من ربي أن يحقق آمالكم بين يدي عيد الأضحى المبارك هذا وكل عام أنتم بخير.
فلم يكن عيد الأضحى هذا العام في السودان بِدعاً من أعيادنا التي سبقته ، فالجراح ما زالت مفتوحة، والبيوت ما زالت مهدّمة، والقلوب ما زالت تنزف بألم الحرب متمنية شوق السلام. ولكن وسط هذا المشهد المتشابك من المعاناة والملبد بغيوم الحسرة ، برزت لفتة إنسانية بارعة حملت في طيّاتها معاني عميقة ، حين شارك رئيس مجلس الوزراء المكلف، الدكتور كامل إدريس، الشعب السوداني فرحة العيد، فأدى صلاة العيد في أحد المساجد دون تمييز ، ثم بادل المصلين تهاني العيد ثم مضى بخطاه الواثقة إلى دور الإيواء، حيث يسكن الألم ، وتبكي الجدران على أسرٍ فقدت كل شيء.
إذ لم تكن زيارته زيارة بروتوكولية أو استعراضية تسبقها المراسم والتشريفات. بل كانت فعلاً نابعًا من قلب رجل قرر أن لا يكون في برجٍ عاجي بعيد عن شعبه، بل أن تخالط أنفاسه أنفاسهم، ويشرب من كأس وجعهم، ويستمع إلى أنينهم بقلبه قبل أذنه. هناك حيث تختلط دموع الفقد بحنين الوطن، سمع شكواهم ، رأى الأطفال بعيونهم الخائفة، ولامس آلام الأمهات، وشدّ على أيدي الشيوخ الذين لم يتعوّدوا السؤال، ولكنه قسوة الزمن أرغمتهم عليه.
هذه الزيارة ما كانت “حركة سياسية أو ظهور إعلامي مصنوع بل كانت رسالة وطنية بليغة الأثر وحاضرة المعنى ففُهِمَت بوضوح أن رئيس الوزراء ليس بعيدًا عن قضايا شعبه المكلوم ، بل هو معهم ومنهم يعيش أوجاعهم، ويتبنى همومهم، ويسعى بجد لتحسين معاشهم وحياتهم . لقد عبّر عن وعده الذي وعد لا بالكلمات والشعارات، بل بالفعل والعمل ، بالخطى التي خطاها نحو المعانين، بالعيون التي بكت معهم، وبالصدر الذي اتسع لهم في لحظة كان كثير من القادة يختبئون فيها خلف أبوابهم المغلقة ومكاتبهم الفخيمة ..
لقد جاءت هذه المبادرة في وقت يتوق فيه الشعب إلى لمسة حانية، وإلى مسؤول يشعر بهم لا يتحدّث إليهم من فوق المنصات، بل يكلمهم من وسط المعاناة ،من بين خيامهم حيث يقطنون. إنها البداية الصحيحة، والبداية الصحيحة تؤدي إلى نتائج صحيحة، والعكس لا يُرجى منه رجاء.
في هذا العيد، أعاد كامل إدريس رسم المعادلة السياسية من جديد ولسان حاله يقول لا قيمة لحكومة لا تكون في قلب شعبها، ولا بقاء لمسؤول لا يضع وجع الفقراء نصب عينيه. وهكذا بدأت خيوط الأمل تنسج نفسها من جديد، لأن من يزرع القرب، يجني الولاء، ومن يسير في طريق الصدق لا يضلّ.
وإن كانت الحرب قد فرّقت الجغرافيا، فإن هذه الزيارة جمعت المعاني.. وبين الركوع في محراب العيد، وملامسة أوجاع المُهجّرين، كتب كامل إدريس أول فصول حكايته مع شعبٍ يستحق أن يُنصف. اللهم ولّي علينا خيارنا ولا تولّي علينا شرارنا..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات