الجمعة, مايو 30, 2025
الرئيسيةمقالاتالسكن العشوائي. قنبلة موقوتة في خاصرة الخرطوم .. ...

السكن العشوائي. قنبلة موقوتة في خاصرة الخرطوم .. بقلم د.إسماعيل الحكيم

..
لقد شكلت البنايات العشوائية في ولاية الخرطوم أحد أكبر التحديات الأمنية والاجتماعية، إذ تحولت في فترة الحرب الأخيرة هذه إلى أوكار لدعم المليشيا المتمردة، وتورط كثير من قاطنيها في أعمال النهب والسرقة وترويع المواطنين ، بل تجاوز الأمر إلى أبشع من ذلك؛ من اغتصاب وقتل واحتلال لمنازل الآمنين، وتخريب ممنهج للبنى التحتية والمؤسسات العامة، في مشهد لا يشبه إلا الفوضى المطلقة .فليس السكن العشوائي تجاوز تخطيطي عادي أو مشهد يشوه وجوه العواصم ، بل هو خطر أمني متجذر، ينمو في ثنايا الإهمال ويتغذى على غياب هيبة الدولة ، ليصبح في لحظة ما مخزونًا بشريًا للفوضى، ومنصة انطلاق للتعدي على القانون والدولة والمجتمع.
إن ما حدث إبان حرب الكرامة يثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن التراخي في معالجة هذا الملف يهدد أمن الدولة، ويُطيل أمد المعاناة ويُسهّل اختراق المجتمع من قِبل العناصر الخارجة عن القانون. لقد كانت تلك البؤر العشوائية بمثابة الغطاء الاجتماعي لتحركات المليشيا، والمخزن البشري لأجندتها التخريبية، ما يستدعي قرارات حاسمة لا تقبل التأجيل. وفي هذا السياق، نرفع القبعة لوالي ولاية الخرطوم الهمام، الرجل الذي امتلك الشجاعة السياسية والمسؤولية الوطنية، فأعلن بدء إزالة السكن العشوائي من عاصمة البلاد، في خطوة تأخرت كثيرًا لكنها اليوم تمثل طريق الإنقاذ الحقيقي للعاصمة من براثن التشويه والتهديد.
إن إزالة السكن العشوائي ليست قضية تنظيم عمراني فقط ، بل معركة أمنية، وإصلاح اجتماعي، وبداية حقيقية لعودة هيبة الدولة. فالدولة التي لا تحكم أطرافها ولا تملك القرار على أرضها، تفتح الأبواب أمام العبث والفوضى والاستلاب مما يكون سبباً في تفرّط أمن مواطنيها وزعزعة أمانهم .
ولن تكون المعركة سهلة، لكنها ضرورية. ولا بد أن تتكامل جهود الحكومة مع دعم المجتمع ووعيه، وأن تُوفر البدائل العادلة للمستحقين، حتى لا تتحول الحرب على العشوائيات إلى حرب على الإنسان البسيط، بل إلى مشروع إنقاذ شامل للمدينة وسكانها، من أجل مستقبل أكثر أمنًا وعدالة وكرامة.Elhakeem.1973@gmail.com

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات