شهدت العلاقات بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة تصعيداً جديداً ، على خلفية احتجاز سلطات مطار دبي لطاقم القنصلية السودانية لمدة ثماني ساعات، في خطوة تُعدّ مخالفة للأعراف والتقاليد الدبلوماسية الدولية.
ووفقاً لبيان وزارة الخارجية السودانية، فقد تم التعامل مع أفراد القنصلية بطريقة وُصفت بأنها “مهينة وغير لائقة”، مما دفع الخرطوم إلى إصدار بيان رسمي أوضحت فيه تفاصيل الواقعة، معربة عن استهجانها الشديد للسلوك الإماراتي الذي يعتبر خرقاً للأعراف الدبلوماسية وتجاوزاً للخطوط الحمراء.
تُضاف حادثة إحتجاز الطاقم القنصلي السوداني إلى السجل الأسود لنظام أبوظبي مع السودان، والذي يشمل دعم الإمارات الموثق لمليشيات الدعم السريع المتمردة الإرهابية التي تقاتل الجيش السوداني وترتكب الجرائم اللا إنسانية بحق المواطن، إلى جانب توفيرها ملاذاً آمناً لبعض قادة التحالفات السياسية المعارضة للحكومة، على رأسها تحالف “صمود” الذي يتخذ من الإمارات مقراً لنشاطه الإعلامي والسياسي المعادي.
يستند الموقف السوداني إلى اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963، والتي تنص على ضرورة احترام الحصانة القنصلية وعدم التعرض لموظفي البعثات أثناء أداء مهامهم الرسمية، حتى في حالات توتر العلاقات أو قطعها بين الدول.
وقد اعتبر خبراء في القانون الدولي أن ما حدث في مطار دبي يُعدّ خرقاً صريحاً لتلك الاتفاقيات، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام السودان لإتخاذ إجراءات قانونية ودبلوماسية رغم محدودية الخيارات، خاصة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات. ومن الخيارات المتاحة للسودان التوجه إلى الهيئات الإقليمية والدولية لرفع شكاوى رسمية، رغم أن هذه المسارات كثيراً ما تُعد الحلقة الأضعف في ظل تجارب سابقة، منها قضية السودان أمام محكمة العدل الدولية.
ورغم الغضب الشعبي والضغط على الحكومة لاتخاذ موقف قوي يُعيد الاعتبار للسودان ، حيث يرى كثير من السودانيين أن تصرف الإمارات يُعدّ إهانة مباشرة للشعب السوداني، فإن الخرطوم ترفض الانجرار خلف ردود أفعال “صبيانية” مثل المعاملة بالمثل أو احتجاز دبلوماسيين إماراتيين، متمسكة بالقانون الدولي ومبادئه. ومع ذلك، يمكن للسودان الرد من خلال القنوات السياسية، وكشف النوايا الإماراتية عبر المنابر الإقليمية والدولية.
وقد تُثير هذه الخطوة الإماراتية مخاوف الجالية السودانية المقيمة في الدولة، لا سيما أنها تعطل عمل القنصلية والخدمات التي تقدمها مثل إصدار الجوازات وتوثيق المستندات. وعليه، فإن على الحكومة السودانية البحث عن آلية تضمن إنسياب هذه الخدمات دون تعطيلها، حفاظًا على مصالح المواطنين.
التطاول الإماراتي على السودان يُعدّ تصرفاً غير محسوب العواقب، ولا يحمل إشارات إيجابية. ويبدو أن الإمارات تجهل طبيعة السوداني الذي يرفض الظلم بشدة، خاصة إنه صدر من طرف سبق وأن أحسن إليه. وفي حال استمرار التصعيد، قد يتجاوز الشارع السوداني بطء استجابة حكومته، ويتخذ موقفا أكثر حدة في مواجهة هذا التعنت الإماراتي يأتي على عدة أشكال تعرفها الإمارات جيداً وحينها لا يجدي الندم …لنا عودة.