الجيش مهمته حراسة الحدود، وحماية الشعب، وحفظ وصون سيادة الدولة، ولتحقيق هذه الأهداف ورعايتها فان تكوينه العضوي ينبغي ان يحتصن في احشائه كل الجهات وصهرها في تَنّوره بالغذاء المعنوي والعقيدة القتالية التي تحمي الأرض كل الأرض، والشعب كل الشعب، ولأن يتحقق ذلك صدقاً ووعداً، فإنه يهرع لصد اي عدوان بغرض الاحتلال أو التقسيم من الخارج ، واخماد كل تمردات الداخل محافظةً منه علي سيادة الدولة ووحدة ارضها وشعبها،
والجيش بهذا التكوين العضوي المدمج والتوجيه المعنوي والتربية العقائدية المركزة، يصنع مؤسسة عصية علي الاستلاب الحزبي مهما كانت قوة تأثيره.
أجهزة الأمن والمخابرات تُفرِغُ جهدها للحصول علي المعلومة الحقيقية من مصادرها الموثوقة وتزويد متخذ القرار بما ينبغي فعله للمحافظة علي أمن واستقرار الدولة بغض النظر عمن يتحكم في الشأن فقد يتطلب الأمر تنبيهه لما قد يهدد اويهدم حتي ولو كان ذلك صادر منه او من اقرب الناس إليه، وهنا يتجلي الحياد لكشف الحقائق ووضعها علي الطاولة ابراءاً للذمة واعذاراً الي الله، وأجهزة الشرطة التي تحمي المواطن وتؤمنه من الجريمة المنظمة والعابرة، وتدقق في منح المواطن هويته الوطنية التي تنسبه الي تراب بلده وتنمحه حق المواطنة . وأن اقوي المؤشرات علي عمق الروح القومية لدي هذه الأجهزة هو تلافي الخطر قبل وقوعه بالتتبع والرصد الدقيق خاصة لو كان مصدره من الخارج ليهدد أمن الداخل.
القاضي يُصنَع صناعةخاصة مشبعة بجرعات تربوية علي النزاهة وتعظيم قيمة العدل ويحاط ذلك باجراءات تحد من اختلاطه مع الآخرين لئلا تؤثر الخلطة علي العدالة التي تُعتَبر هدفه الأول الذي يجب عليه تحقيقه دون محاباة لقريب أو صديق، وإنما يجب أن ينصبّ كل الجهد نحو إعمال القانون وانفاذه علي الكل دون تمييز، وعليه أن يستوفي كل إجراءات التقاضي التي تعرض عليه بكل نزاهة وحيادية، ومتي ما انحرف القضاء عن ذلك وتسَيّس أو تعنصَر فإنه حينئذٍ يكون قد تنكب الطريق وذبح العدالة وطعنها في خاصرتها واختل الميزان وسادت الفوضي وانفرط العقد.
الثقافة تغذي الوجدان وتوحده والرياضة الجماهيرية تجتذب الكافة وتزيل الفوارق الطبقية، والأحزاب السياسية والكيانات الاجتماعية تذيب القبلية والجهوية بدرجات متفاوتة، لكن يمكن ان يتعزز كل ذلك بحوار بناء تسود فيه روح الإخاء والمحبة والتواصل ونزع سرابيل التعصب البغيض والعنف اللفظي المهين من أجل تقريب الأنفاس والمسافات لتتواطأ علي المشتركات الجمعية التي تقدم مصلحة الوطن العليا علي مصلحة الحزب والطائفة.
التربية الوطنية ونبذ العنصرية والتمييز العرقي الذي بجب ان تحتويه مناهج التعليم بجرعات مكثفة وصناعة الهياكل والبرامج والمؤسسات ذات الطابع القومي لها دور فعال في تعزيز القيم الوطنية والقومية فلا بد من صونها هي الاخري بتشريعات تضمن حمايتها واستدامتها.
كل الذي ذُكر يغذي ويحمي الروح والوجهة القومية، إلا أن الركائز الثلاث (القوات المسلحة، وأجهزة المخابرات، والجهاز القضائي) تظل تمثل صمام الأمان للحفاظ علي الروح القومية والوطنية.