الأربعاء, سبتمبر 3, 2025
الرئيسيةمقالاتلماذا لم تُصنّف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية حتى الآن؟ ...

لماذا لم تُصنّف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية حتى الآن؟ بقلم د.إسماعيل الحكيم..


في عالم يدّعي الانتصار لحقوق الإنسان وحماية المدنيين، تبدو بعض المواقف الدولية كأنها صفعة مؤلمة على وجه العدالة. فبينما تتوالى تقارير المجازر والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع في السودان — آخرها مجزرة الصالحة التي أُعدم فيها مدنيون عُزّل بدم بارد، مع اعتراف الجناة وتوعدهم بجرائم قادمة قد تكون أشد بشاعة — لا تزال هذه المليشيا بمنأى عن التصنيف الدولي كمنظمة إرهابية. وهنا تتفجر الأسئلة المدوية: ما هي المعايير الحقيقية لتصنيف الكيانات الإرهابية؟ ولماذا يُستثنى الدعم السريع من هذه القاعدة رغم فداحة أفعاله؟
إن أبسط المعايير المتعارف عليها دوليًا لتصنيف أي جماعة كمنظمة إرهابية تشمل:

  • استخدام العنف المسلح ضد المدنيين لتحقيق أهداف سياسية أو عرقية أو دينية.
  • ارتكاب جرائم ممنهجة من قتل، وتعذيب، واغتصاب، وتشريد قسري.
  • تهديد الأمن والسلم الاجتماعي وزرع الفوضى والرعب بين السكان.
  • الاعتداء السافر على القوانين والأعراف الدولية، بما فيها اتفاقيات جنيف ومواثيق حقوق الإنسان.
    فهل هناك من ينكر أن مليشيا الدعم السريع قد تجاوزت كل هذه الحدود، بل وجعلتها ميدانًا يوميًا لجرائمها؟! من دارفور إلى الخرطوم، ومن الجنينة إلى أم درمان، لا تكاد تخلو بقعة سودانية من آثار الخراب الذي خلفته هذه العصابات المجرمة.
    إن مجزرة الصالحة وحدها — حيث قتل الأبرياء أمام مرأى ومسمع العالم — كانت كافية لإطلاق تصنيف فوري لهذه المليشيا كمنظمة إرهابية، وفقًا لأبسط القواعد الأخلاقية والقانونية. فما بالنا حين تتكرر المجازر، وتُوثق الاعترافات بالصوت والصورة، ويُعلن الجناة بأن ما مضى ليس إلا بداية لسلسلة أفظع من الجرائم؟!
    إن الصمت الدولي حيال هذا الواقع المأساوي يثير تساؤلات موجعة عن ازدواجية المعايير:
  • هل أصبح دم الإنسان السوداني رخيصًا إلى هذا الحد؟
  • أم أن المصالح السياسية، وحسابات القوى الكبرى، قد عميت عن رؤية المذابح الجماعية التي تُرتكب بدم بارد؟
  • بأي منطق يتم تصنيف جماعات أخرى إرهابية بناءً على وقائع أقل فظاعة، بينما يترك الدعم السريع يعيث في الأرض فسادًا دون مساءلة أو عقاب؟
    إن إصرار المجتمع الدولي على تجاهل هذه الحقائق، وعدم اتخاذ خطوة حاسمة بإدراج مليشيا الدعم السريع على لوائح الإرهاب، لا يمثل فقط خيانة لمبادئ العدالة، بل يشجع هذه المليشيا وأمثالها على التمادي في الإجرام، مطمئنين إلى أن العالم لا يرى ولا يسمع.
    اليوم، لم يعد مطلوبًا فقط أن نصنف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية، بل أن نحاسب كل من يدعمها أو يتواطأ مع جرائمها. فالتاريخ لا يرحم، ودماء الأبرياء لن تجف حتى تكتب أسماء الجناة وأعوانهم في سجل الخزي والعار الأبدي. Elhakeem.1973@gmail.com
مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات