الخميس, سبتمبر 4, 2025
الرئيسيةمقالاتنبض الغلابة.. ...

نبض الغلابة.. مهند خبير.. بلاغ مفتوح إلى النائب العام لجمهورية السودان:شبكة فساد الدقيق في النيل الأزرق… مسؤوليتكم التاريخية في المحاسبة والعدالة

السيد النائب العام لجمهورية السودان،
تحية طيبة وبعد،

نضع بين يديكم هذا البلاغ الشعبي المفتوح، المدعوم بالوقائع والأدلة، والمسنود بشهادة الشارع والرأي العام في إقليم النيل الأزرق، الذي لا يزال رغم ظروفه الصعبة وأزماته المتراكمة، يؤمن بأن العدالة ما زالت ممكنة.

المشهد الأول: دقيق الإغاثة في السوق

في سابقة خطيرة تمسّ جوهر العمل الإنساني وتضرب في عمق القيم التي بُني عليها المجتمع السوداني، قامت مباحث التموين في إقليم النيل الأزرق بضبط 500 شوال من دقيق الإغاثة المخصص لنازحي الإقليم، وهو دقيق يُفترض أن يُوزّع مجانًا للمتضررين في ظل ظروف حرب ونزوح قاسية.
تمّ ضبط الشحنة بحوزة أحد التجار، وجرى فتح بلاغ رسمي في القسم الأوسط بمدينة الدمازين، وسُلّمت المعروضات إلى الشرطة كما هو منصوص عليه في الإجراءات القانونية.

المشهد الثاني: مسرحية التفاف المفوضية

ضجّت مجالس المدينة بالخبر، وتداولته الوسائط الاجتماعية، وانتشرت التساؤلات:
من هو التاجر؟
من سلّمه هذا الدقيق؟
ما علاقة مفوضية العون الإنساني ومدير مكتب الحاكم بالأمر؟

سرعان ما أصدرت مفوضية العون الإنساني بيانًا مرتبكًا وضعيفًا، حاولت فيه التنصل من مسؤوليتها، مدعية أن الدقيق سُلّم إلى محافظة باو التي قامت بدورها بتوزيعه على النازحين العائدين من دولة جنوب السودان، وأن هؤلاء قاموا باستبداله بـ”عيش الذرة”.

لكن، ومع الضغط المتواصل من النشطاء والإعلاميين، ظهرت الثغرات القاتلة في رواية المفوضية:

النازحون من جنوب السودان لم يعودوا بعد.

لا توجد كشوفات تسليم أو وثائق إدارية تثبت التوزيع.

لم تظهر أي لجنة مفوضة باستلام الدقيق.

والأخطر من ذلك، لم يُعرف مكان أولئك “النازحين المفترضين” حتى اللحظة.

المشهد الثالث: النفوذ الفاسد يكتم صوت القانون

في الوقت الذي كان فيه الشارع يطالب بالحقيقة، تدخل نافذون في حكومة الإقليم، وضغطوا على النيابة لتُعيد الدقيق إلى المفوضية، مما شكّل ضربة قاسية لمصداقية أجهزة العدالة في الإقليم.
في خضم هذه الفضيحة، فرّ مدير مكتب الحاكم إلى يوغندا، وسط صمت رسمي، وتراجع النيابة عن إكمال التحقيق.

المشهد الرابع: الفساد يتكرّر… والوقاحة تتضاعف

ولأن الفساد حين لا يُحاسب يتحوّل إلى أسلوب حياة، لم تمر أيام حتى تم ضبط 240 شوال دقيق أخرى في حي الزهور جنوب الدمازين، وهي أيضًا دقيق إغاثة يُفترض توزيعه مجانًا.
مرة أخرى، تدخل نافذ من مكتب الحاكم، وحاول رشوة الشرطة بـ100 شوال دقيق لدفن القضية.

وفي نفس اليوم، تم ضبط 400 شوال دقيق إضافية في حي المطار!

المشهد الخامس: إقالات لا تكفي

تحت ضغط الشارع والفضائح المتتالية، اضطر الحاكم إلى إصدار قرار بإقالة مفوض العون الإنساني ونائبه.
لكن هذه الخطوة، رغم أهميتها، لا تعدو أن تكون محاولة لإخماد الغضب الشعبي، دون تقديم المتورطين إلى العدالة، ودون أن تُستكمل التحقيقات، ودون أن يُكشف الغطاء عن كامل الشبكة.

سيدي النائب العام،

ما يجري في النيل الأزرق ليس مجرد “تجاوزات” بل هو فساد ممنهج، تشارك فيه أطراف حكومية نافذة، ويتم على حساب جوع وكرامة نازحين يعيشون على الإغاثة، وينتظرون قوتهم اليومي وسط لهيب الحرب وسواد المعاناة.

إننا نخاطبكم لأننا نؤمن أن مؤسسات العدالة لا تزال هي الأمل الأخير، ونطالبكم بما يلي:

  1. فتح تحقيق اتحادي عاجل حول قضايا دقيق الإغاثة في النيل الأزرق.
  2. استدعاء كافة المتورطين، بمن فيهم مفوض العون الإنساني السابق، نائبه، مدير مكتب الحاكم، والنافذين الذين تدخلوا في مجرى العدالة.
  3. إعادة المعروضات إلى سلطات التحقيق وعدم السماح بإعادة توزيعها قبل صدور حكم قضائي.
  4. حماية الشهود والمبلغين عن الفساد، ومحاسبة من مارس التهديد أو الترغيب لطمس الحقائق.
  5. إصدار بيان للرأي العام بشأن تطورات التحقيقات، إعمالًا لمبدأ الشفافية المنصوص عليه في اتفاق جوبا للسلام، والدستور الانتقالي.

ختامًا،
هذا الملف بات عنوانًا للفساد في زمن الحرب، وإذا لم يُحاسب المتورطون فيه، فإن ثقة الشعب السوداني بعدالته ستنهار، وسيترسخ اعتقاد أن من يسرق في زمن الكارثة لا يُحاسب.

والشعب الذي لا يجد حقه في العدل… قد يبحث عنه بطرق أخرى.

العدالة_أولا

لا لحمايةالفاسدين

دقيق النازحين ليس_للبيع

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات