بعد الإنتهاء من هذه الحرب بإذن الله تعالى ، يقف السودان عند مفترق طرق، إما أن يستمر في دوامة الفوضى والتشرذم، أو أن ينهض من بين الركام كطائر الفينيق، متجاوزًا الجراح ومتجهًا نحو البناء والإعمار. والسؤال الكبير الذي يجب أن نواجهه بجرأة: ما الذي يحتاجه السودان الآن ليبدأ مسيرة النهوض؟ وأجيب باجتهاد مني :
١ /إعادة بناء الإنسان قبل البنيان -:
لا يمكن للسودان أن يتعافى ما لم يُعَاد بناء الإنسان السوداني نفسيًا وفكريًا وأخلاقيًا. يجب التركيز على:
- تعزيز قيم المصالحة والتسامح لا يمكن بناء وطن على حطام الكراهية، بل يحتاج السودان إلى مشروع وطني يجمع الفرقاء على كلمة سواء.
- إعادة صياغة الهوية الوطنية بعيدًا عن الجهوية والقبائلية، يحتاج السودان إلى وعي وطني جديد، يقوم على الانتماء للوطن الواحد، لا للطوائف أو الفصائل.
- بناء نظام تعليمي يعيد إنتاج العقول فالتعليم في السودان يجب أن يكون ثوريًا، لا مجرد تلقين للماضي، بل إعداد لجيل قادر على الإبداع والابتكار.
٢ – إعادة الإعمار والتنمية العمرانية :
فالسودان بحاجة إلى نهضة اقتصادية تتجاوز الاقتصاد الريعي والاعتماد على المساعدات. وهءا يتطلب أن تكون الأولويات كالتالي: - الاستثمار في الزراعة والتصنيع الزراعي فالسودان يمتلك أراضي زراعية هائلة، لكن بدلاً من تصدير المواد الخام ، كما يجب إنشاء صناعات غذائية ضخمة تحقق الاكتفاء الذاتي وتفتح فرص العمل.
- إطلاق مشاريع الإعمار عبر المبادرات المحلية بدلاً من انتظار المساعدات الدولية، ويمكن إطلاق مبادرات شبابية مثل “همة للإعمار”، التي تعيد بناء البنية التحتية المدمرة.
- تحفيز القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي الواعي فيجب وضع سياسات جاذبة لرأس المال الوطني والمغتربين، وتشجيع الاستثمار في مشاريع البنية التحتية.
٣- إصلاح مؤسسات الدولة واعتماد نظام حكم رشيد
اذ لا يمكن الحديث عن النهوض دون بناء مؤسسات دولة قوية، ومن ذلك: - إصلاح القضاء وإرساء العدل يجب أن يكون القانون هو المرجعية الوحيدة، بعيدًا عن المحسوبيات والانتماءات الضيقة.
- تحقيق استقلالية الاقتصاد عن النفوذ السياسي ويجب كسر العلاقة المشبوهة بين الفساد السياسي ونهب الموارد الوطنية.
- تمكين الشباب من القيادة فكيف يمكن أن يقاد السودان بنفس العقليات التي قادته إلى الدمار. الشباب هم عماد المستقبل، ويجب منحهم الفرصة في مواقع القرار .
٤ /رؤية إعلامية متقدمة :
الإعلام السوداني يجب أن يتحول إلى أداة توعية، لا وسيلة لبث الفُرقة. ويجب التركيز على: - إطلاق مشاريع إعلامية تعيد الثقة بين مكونات الشعب.
- مكافحة خطاب الكراهية وترسيخ مفهوم السودان الواحد.
- دعم الصحافة الاستقصائية لكشف الفساد وتعزيز الشفافية.
فالسودان لن يُبنى بالشعارات ولا بالتمني، بل بالعمل الجاد والرؤى الواقعية. كل سوداني، داخل الوطن أو خارجه، مسؤول عن المساهمة في إعادة البناء. لا وقت للمزايدات، ولا مكان لمروجي اليأس.
هذا أو الطوفان.