عِندَمَا كَانَتْ أَرْضُ العَطَاءِ تَئِنُّ، كَانَتْ وِلَايَةُ نَهْرِ النِّيلِ بَوَّابَةَ المُستَقبَلِ الَّتِي وَقَفَتْ بِالمِرصَادِ، وِلَايَةً لَا تَعْرِفُ التَّوَقُّفَ عَنْ إِدْهَاشِنَا. كُلَّ يَوْمٍ يُسَطَّرُ فِيهَا تَارِيخٌ جَدِيدٌ مِنَ الإِعْمَارِ، وَالقُوَّةِ، وَالصُّمُودِ. احْتَضَنَتْ أَبْنَاءَهَا، وَسَارَعَتْ فِي البِنَاءِ، بِخُطَطٍ إِسْعَافِيَّةٍ، وَنَفَرَاتٍ شَعْبِيَّةٍ، وَوَقَفَ فِيهَا خِيرَةُ رِجَالِهَا فِي الصُّفُوفِ الأَمَامِيَّةِ بِعَزِيمَةٍ، وَبَسَالَةٍ، وَاسْتِنفَارٍ لَا يَعْرِفُ الكَلَلَ.
مَشَارِيعُ زِرَاعِيَّةٌ تَتَوَسَّعُ، وَنَهْضَةٌ صِنَاعِيَّةٌ تَتَجَذَّرُ، وَابْتِكَارٌ مُسْتَمِرٌّ لِحَلِّ الأَزَمَاتِ الَّتِي بَدَتْ مُستَحِيلَةً، وَلَكِنَّهَا تَلَاشَتْ تَحْتَ إِرَادَةٍ قَوِيَّةٍ، وَقِيَادَةٍ حَكِيمَةٍ. وِلَايَةُ نَهْرِ النِّيلِ، العَصَبُ النَّابِضُ لِلسُّودَانِ، وَهِبَةُ السَّمَاءِ الَّتِي لَمْ تَبْخَلْ بِعَطَائِهَا.
د. مُحَمَّدُ البَدَوِيُّ عَبدُ المَاجِدِ.. قَائِدٌ لَا يَعْرِفُ المُستَحِيلَ
رَجُلٌ تَرَكَ الرَّاحَةَ جَانِبًا، وَلَبَّى نِدَاءَ الوَطَنِ فِي كُلِّ مَوْقِعٍ، مُقَاتِلٌ يَرْفَعُ رَايَةَ السُّودَانِ بِمَحَبَّةٍ، وَعَزِيمَةٍ، وَإِخْلَاصٍ. وَالِي نَهْرِ النِّيلِ الَّذِي حَوَّلَ الأَحْلَامَ إِلَى وَاقِعٍ، فَكَانَتِ الإِنجَازَاتُ تُثْمِرُ كُلَّ يَوْمٍ.
مَشَارِيعُ ضَخْمَةٌ مِثْلُ مَطَارِ عَطْبَرَةَ، وَنَهْضَةٍ اِسْتِثْمَارِيَّةٍ، وَكَانَ أَبْرَزُهَا مُلْتَقَى النِّيلِ الِاستِثْمَارِيِّ الصِّنَاعِيِّ.
تَقَدُّمٌ زِرَاعِيٌّ وَإِنتَاجِيٌّ، وَدَعْمٌ شَامِلٌ لِلشَّبَابِ.
إِعْمَارُ المُؤَسَّسَاتِ الحُكُومِيَّةِ، وَعَلَى رَأْسِهَا أَمَانَةُ الحُكُومَةِ وَقَصْرُ الضِّيَافَةِ، حَيْثُ الاِسْتِقْبَالُ بِحَفَاوَةٍ، وَكَرَمٍ لَا يَنْضُبُ.
دَعْمُ القُوَّاتِ المُسَلَّحَةِ بِقَوَافِلَ مُتَوَالِيَةٍ، وَمُسَانَدَةُ كُلِّ الوَافِدِينَ إِلَى دِيَارِهِمْ.
تَحَدِّي التَّعْلِيمِ وَالاِنْتِصَارُ فِيهِ، حَيْثُ أُقِيمَتِ اِمْتِحَانَاتُ الشَّهَادَةِ السُّودَانِيَّةِ مِنَ العَدَمِ، وَلَكِنَّ عَزِيمَةَ الأَجْيَالِ كَانَتْ بِالمِرصَادِ.
هُنَا، فِي نَهْرِ النِّيلِ، صَرْحٌ عِمْلَاقٌ عَصِيٌّ عَلَى الِانْكِسَارِ. نَهْضَةٌ زِرَاعِيَّةٌ، وَصِنَاعِيَّةٌ، وَتَعْلِيمِيَّةٌ تَتَحَقَّقُ بِدِقَّةٍ، وَسُرْعَةِ تَنْفِيذٍ. لَا مَكَانَ لِلْيَأْسِ بَيْنَ أَبْنَاءِ هَذِهِ الأَرْضِ، فَالعَدَالَةُ نُورٌ نَهْتَدِي بِهِ، وَعَلَى الأَرْضِ نُرْسِي مِيزَانَ الحَقِّ.
سلامٌ وأمان، فالعدل ميزان.