الجمعة, أكتوبر 24, 2025
الرئيسيةمقالاتبين السطور ...

بين السطور بقلم : صلاح مختار بين الشمالية ووالوكالة القومية للاسعاف

في يوم من الايام السابقة من تاريخ البلاد كان المكان المخصص لعربات الإسعاف بأحد مستشفيات البلاد  اختفت منها السيارات والشاحنات وحلّت مكانها عربات تجرها الحمير تقوم بنقل المرضى من منطقة لاخري ومن مدينة لأماكن تلقي العلاج، في وضع ينقصه كل شي، حتي لوقت قريب فان الحوجة لتلقي العلاج كان يتراجع امام عدم وجود ناقل للمرضي الي تلك المناطق البعيدة التي يتوفر فيها الحد الادني من العلاج. فتاريخ التطبيب في السودان لا ينفك من تاريخ دخول عربة الإسعاف لنقل المرضي. اذا كانت سرعة نقل المريض لاقرب وحدة علاجية هو نصف العلاج فان عربة الإسعاف ساهمت بشكل كبير في ذلك. ولعل  تاريخ سيارة الإسعاف في العصور القديمة ظهرت مع استخدام العربات لنقل المرضى. حيث  استُخدِمت أول مرة للنقل الطارئ في عام 1487 من قبل القوات الإسبانية أثناء حصار مالقة من قبل الملوك الكاثوليك لإمارة غرناطة، ثم استُخدمت للحالات المدنية في ثلاثينات القرن التاسع عشر. وأدى التقدم التكنولوجي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين إلى ظهور سيارات الإسعاف الحديثة التي تعمل بالطاقة الذاتية.
والسودان ليس ببعيد من التطور الذي صاحب هذا المجال، ورغم الفارق الكبير بين مدن السودان الا ان دخول الاسعاف كوحدة علاجية شملت كل ولايات السودان. بيد ان حجم ومساحة السودان الواسعة وضعف الطرق الداخلية كان التوسع في هذا المجال ليس بحجم تلك المساحة، لذلك استخدم المواطن الطرق البدائية لنقل المرضي لتلقي العلاج. وحتي لوقت قريب كان عدد عربات الاسعاف قليل بالمقارنة بحاجة الولاية، لذلك ساهم القطاع الخاص بالاستثمار في هذا المجال. ولكن يظل الفجوة قائمة حتي الأن . ولعل في هذا المنحي اختلفت الولايات في حجم الاهتمام، بهذا القطاع ويبدو من خلال تجربة الولاية الشمالية في ادخال عربات الاسعاف كانت رائدة تعكس الفهم الواسع الذي يوليه وزير الصحة بالولاية دكتور ساتي حسن ساتي وتقديره للدور الذي يمكن ان يلعبه هذا القطاع الذي يعتبر رافد حقيقي للتطور ونمو البنية التحتية للقطاع الصحي بالشمالية. الامر المهم اذا نظرنا إلى حجم ومساحة الولاية نجد ان الاسعاف يلعب فيه دورا كبيرا في تجسير الهوة بين الطرق السريعة التي تربط الولاية والمناطق البعيدة وبمناطق تلقي العلاج. بالتالي من هنا نبعت فكرة مشروع الوكالة القومية للاسعافات  نسبة لطبيعة الولاية والامتداد الطولي والعرضي ووعورة الطرق، وامتداد المساحات الصحراوية الواسعة مما يضاعف الحوجه للاسعافات. ويصاحب ذلك الاهتمام تاهيل للكوادر الطبية للاستجابة السريعة للمرضى. ربما المشروع تاخر كثيرا ولكن ان تاي أخيراً خيرآ مما لا تاي. ففي نهايه العام 2024 كانت نقطة البداية بتحديد  نقاط احالة مركزية بمحليات ومدن الولاية منها الي دنقلا وحلفا وكريمه والدبه والبرقيق. هذا التوسع شمل تواجد عربات اسعاف في المطار  من اسعافات الوكالة القومية للاسعافات. ورغم شح الامكانات الا ان اهتمام وزارة الصحة بهذا المجال ادي الي ارتفاع عدد سيارات الاسعاف لتصل حاليا الي عدد 17 عربة منها عدد 13 اسعاف جديد ومتطور.
المدهش في الموضوع التطور الكبير الذي لايمكن ان يتجاهله البعض وحتي نكون منصفين فان الامتداد الكبير للولاية والمساحات الشاسعة  التضاريس الصعبة والبعيدة، يفرض علي حكومة الولاية ووزارة الصحة بالولاية التفكير باهمية ان تتمتع اغلب المناطق بخدمة الاسعاف لانقاذ حياة الناس. ومن المهم العلم قبل وصول د. ساتي كان 99% من عربات الاسعاف متهالكة وقديمة ومتعطلة، ولا يوجد في وزارة الصحة سوي عربيتين او ثلاثة فقط، هذا الواقع الان بالضرورة اختلف بعد وصول دكتور ساتي وزيرا للصحة بالشمالية الذي بزل جهودا ادي لارتفاع عدد عربات الاسعاف حتي وصلت الي 17 عربة. هذا الجهد لم يتوقف في ذلك وانما تطور الي مشروع الوكالة القومية بالتعاون مع الصحة الاتحادية… حقيقة هذه حكاية تحكي قصة تطور في زمن الحرب..في ادارة المرافق الصحية وتطور بنيتها التحتية.
اخيرا  الفكرة ليست في العدد فقط وانما النظرة المستقبلية كجزء من مشروع التطور في البنيات التحتية للصحة بالولاية الذي بدا اصلا الان. هناك عمل يجري علي الارض بتاسيس مقر خاص للاسعاف ثم يتطور الي مشروع الاسعاف المركزي يتم توزيعها في نقاط تنتشر في كل المحليات الشمالية. هذا المشروع كان حلما عاني منه مواطن الشمالية كثيرا الان اصبح واقع ماثل بين الناس.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات