الفترات الانتقالية عندنا تعد الأكثر ضعفاً وهشاشة وتنتج تنظيرا فجا لا إثمار له وتتعدد الأسباب في ذلك منها محاولة الأحزاب خطف الحكومة وجرها لأجندتهم وسعيهم لتصفية حساباتهم مع خصومهم كما أنها لاتلتزم برنامجاً محددا ولاتقدم الخبرات والكفاءات الملتصقة بالأرض والشعب..وماتعانيه البلاد اليوم لاينفك عن ذلك إذ وضعوها على شفا جرف هار جراء طيش ممارساتهم وتمردهم على قيم الشعب وتنمرهم على قواته المسلحة والتقوي بالأجنبي صاحب الأجندات والأطماع وهو ماقاد مليشيا الدعم السريع للتمرد على الدولة والمجتمع.
حتى بعيد تصحيح المسار لم تتحسن الأوضاع لضعف الجهاز التنفيذي الذي توزعت صلاحياته بين المجلس السيادي وحركات اتفاقية جوبا ممن لادربة أو دراية لهم بشؤون الحكم.كما أن الحركات لم تتحول بعد للعمل المدني ولا حتى البرتوكول الأمني والأفضل أن تجمد الاتفاقية بدلاً عن استدعائها بغرض المحاصصة وتقاسم السلطة والثروة في وطن ينزف،ليتها تنخرط بدافع وطني تصديا للتمرد وبعدما تضع الحرب أوزارها يعاد النظر ويمكن تضمينها ضمن حزمة الحلول الكلية في مؤتمر دستوري وخلافه.
لقد ظلت البلاد بلا رئيس للحكومة إلى أن تمت تسمية كامل إدريس مؤخراً وهو لايختلف – شكلاً عالأقل – كثيراً عن حمدوك القادم من خانة المنظمات ومن وراء البحار ونأمل ألا يتنكب طريق حمدوك في جلب طاقمه من تلك البلاد الباردة.قطعا تفاجأ إدريس بالأوضاع والتقاطعات و”اللوبيات” والحركات والجهويات و”الشلليات” إلى غير ذلك من الألغام المزروعة فتاه الرجل وطفق ينظر وحتى كتابة هذه السطور لايزال يتحدث عن الملامح وأنه يعتزم تشكيل حكومة الأمل المدنية ويفصل في مطلوبات الحكم الراشد.
كل مانرجوه ونتوق ونتطلع إليه حكومة رشيقة ذات كفاءة وجهاز تنفيذي يضطلع بمهامه على هدى برنامج واضح المعالم يحسم ملف الحرب ويتفرغ لمعالجة آثارها دعماً لمشروع العودة الطوعية ثم يبتدر برامج إعادة الإعمار بحشد الطاقات والمانحين والداعمين من الأصدقاء.لقد وعد سلفك حمدوك الشعب بالعبور وأخفق ليس بسبب غياب الأمل بل لغياب الرؤية المنهج العملي المخطط فضلاً عن غياب الإرادة الموحدة..فالأمل بلا عمل قعود وتمنيات وشعارات لاتسمن ولاتغني من جوع.
ختاماً سيمنح الرجل مثل سابقيه فرصة ليفرد شراع الأمل وسنلوذ صمتاً وصبرا مرددين مع الطيب عبدالله
بالأمل صبرت قلبي وعشت في دنيا الأماني
أهدهد الشوق بين ضلوعي واتــــرجم الآلام أغان
أروي للناس سر عذابي واحــــكي ليهم ماشجاني