جمع سيدنا سليمان عليه السلام بين النبوة والملك ولعل ذلك يغرى نفسه بعض الشيء فاراد الله أن يصحح له خواطره فى نفسه لانه يريده فى مهمة اعلى من المهمه الموجود فيها لانه عندما ركب البساط فمال البساط فقال اعتدل يابساط فقال أمرنا أن نطيعيك ماأطعت الله… يعنى بالمفهوم (الدارجي) لدينا اعدل نفسك انت فاختبره الله وفتنه والقاه على كرسيه جسداً لايستطيع الحركة والكلام.. وكأن الحق يقول له نحن لانسلب منك الملك ولكن سأسلب منك الشئ المتعلق بذاتك وهى إرادتك على جوارحك لم تنفذ..فأصبح لا يعرف أن يحرك يده ورجله وغيره من جوارح جسده.. فالفتنة ليست كرها للمبتلى ولكن تصحيح لمساره… فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب خلق الإنسان في كبد أي في مشقة وتعب في هذه الدنيا وهو عرضه للابتلاء والاختبار قال تعالى: (الذي خلق الموت والْحياة ليبلوكم أَيكم أحسن عملا)
وقال سبحانه: (إنا خلقنا الإِنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً) بالتالي يصبح الإبتلاء على الفرد أو الجماعة أو حتى الأمم قدر محتوم لا مناص منه البته فأحياناً تبتلى بالسراء وفي المقابل تبتلى بالضراء وفي بعض الأحيان تبتلي بالأمان وأحيانا بسلب الأمن والأمان قال تعالى: (ولنبلونكم بشيْء من الخوف والْجوع ونقص من الْأَموال والْأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أَصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أُولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) وقال تعالى: (وبلوناهم بِالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) فقد تبتلى الأمم بتعدد وتنوع صور الابتلاءات ولاسيما على أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام فمنهم من أبتلى بسبب الحسد كما ابتلي ادم عليه السلام بحسد إبليس وبسببه أُخرج من الجنة وهكذا دواليك من قصص الإبتلاءات على الرسل.
الابتلاء سنة إلهية ماضية، لا تتخلف، والصبر عليه هو مفتاح النجاة، والميزان الحقيقى لصدق الإيمان، وبه يميز الله الخبيث من الطيب، والصادق من المدعي. فالمولى يبتلى عباده لحكم عظيمة، منها تمحيص القلوب، وتهذيب النفوس، وتطهيرها من الذنوب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) ومن الحكم الربانية فى الابتلاء: تكفير الخطايا ورفع الدرجات، كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه) والابتلاء يُظهر معادن الناس، ويكشف حقيقتهم، فالصادق يصبر ويحتسب، والمنافق يجزع ويسخط. كما قال الله تعالى:(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) وتتنوّع صور الابتلاء، فقد يكون بفقد الأحبة، أو بالأمراض والأسقام، أو بالخسائر فى المال، وقد يكون بالطاعات كالصبر على العبادة، أو بالمعاصى كالصبر عن الشهوات، بل وقد يكون بالنعم، حين يبتلى العبد بالغنى والسلطة والجاه، فيختبر: هل يشكر أم يطغى؟ ولكى يثبت المؤمن أمام هذه الامتحانات، لا بد له من رسوخ اليقين فى قلبه، وإيمان عميق بقضاء الله وقدره، إذ يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. كما أن احتساب الأجر من أعظم ما يهون البلاء، فإن الله وعد الصابرين بقوله:(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) .ولا غنى فى البلاء عن الدعاء واللجوء إلى الله، فهو الملجأ والركن الشديد، وقد أمرنا ربنا حين قال :(وأستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلآ على الخاشعين)