الإثنين, يوليو 7, 2025
الرئيسيةمقالاتالشمولية الناعمة.النموذج الامثل للسودان ...

الشمولية الناعمة.النموذج الامثل للسودان بقلم : طارق المادح

كما أسلفت بقولي في عدة منابر ان حرب السودان أبريل 2023م.ليست وليدة لحظة اندلاعها انما نتاج لتراكمات قديمة شاركت بها كل الحكومات المتعاقبة منذ استقلال السودان وإن كان النصيب الأوفر في الأسباب المباشرة لاندلاعها ينسب لعهد حكومة الإنقاذ…وما ذلك إلا أن الإسلاميين بعد ثورة ديسمبر المجيدة لم يقنعوا بمقاعد عامة الشعب فسعوا لإعاقة الفترة الإنتقالية فضلا عن إضطراب حكومة حمدوك التي لم تضع اعتبارا لأولويات الثورة والمواطن..مما اغري الاسلاميين بالعودة للسلطة من وراء حجاب بانقلاب البرهان 25 أكتوبر 2021م.. فلجأت القوي المدنية(قحت)بالاستعانة بقوات الدعم السريع بهدف استرداد سلطتهم المسلوبة. مقابل اخفاء او تعطيل تقارير فض اعتصام القيادة..الملف المؤرق جنائيا ودوليا لقوات الدعم السريع وهنا الخطأ الاستراتيجي الأكبر كيف لقوي مدنية تضع مصيرها وثقتها في قوي غير منضبطة لا تتحلي بأدبيات عسكرية بل هي مليشيا مرتزقة وجهت جل طاقتها لأستباحة المواطنين العزل؟؟..وبذا أصبحت كل الكيانات (الجيش ؛المؤتمر الوطني ،قحت) المتحكمة في مصير السودان مدانة واجرمت في حق الشعب السوداني .وهنا تتفاوت درجات الإجرام وفق التحقق الجنائي وان كان الاختلاف بينهم اختلاف مقدار لا اختلاف نوع..!! فأولي خطوات الاصلاح والعلاج ان يعترف الجميع انهم مرضي بحاجة للتعافي من داء (عدم تقدير الوطن )..وما للجيش السوداني فضيلة عن غيرة من المكونات (المؤتمر الوطني وقحت)الا ان الجيش مؤسسة قومية راسخة في وجدان الشعب السوداني بعمر قرن من الزمان ..وظيفتها مهنيا ودستوريا حماية الوطن والمواطن وبما أن واقعنا الحاضر هو عسكري بأمتياز كان رهان غالبية الشعب علي الجيش..وكل ما قام به القائد العام للقوات المسلحة الفريق البرهان في الشهور الاخيرة ليس له فيه عظيم فضل انما هو واجب مؤجل تجاة شعبة..وحري بالبرهان ومجلسة العسكري الا يستخف بهم طرب الإنتصار فتسري في دواخلهم خفية شهوة السلطة والاستبداد فتلكم القاصمة!…فحكمة الواقع تقتضي الا يصدر من البرهان اي تصريحا استفزازيا ضد القوي السياسية(مؤتمر وطني او قحت) وان يتقمص هيبة المؤسسة العسكرية المحايدة في كل حركاتة وسكناتة لا كمناور سياسي يلعب علي حبلين .وان يجمع كل همة لإيقاف الحرب،ودحر الدعم السريع ، وبسط الأمن القومي، وبناء مؤسسات الدولة،.وشغل المواطنين بتحقيق التنمية والانجاز لا بالكيد السياسي ، وإنهاء تعدد الجيوش، وسودنة العدالة الإنتقالية ،وتكوين لجنة اقتصادية طارئة لتسهيل معاش المواطن.. والتاريخ يعلمنا أن الشعوب تنهض بتكامل الأدوار بين مكوناتها لا إقصاء لأحد فالنظام الديمقراطي بكل اشكالة كوسيلة آمنة لحكم الشعوب يقتضي عدة شروط .الا ان جل هذة الشروط في واقعنا السوداني ظلت مخترقة وقاصرة منذ زمن ..وتجمل شروط العملية الديمقراطية أولا / وجود تعددية السياسية. ثانيا/ وجود طبقة متوسطة لديها الوعي والإدراك الكافي بالحقوق والواجبات ثالثا/ اعلام محايد مستقل رابعا/ سيادة قبول الآخر. خامسا/ الالتزام بالوسائل القانونية المشروعة في تحقيق الأهداف السياسية سادسا/ استقلالية الكيانات السياسية من التبعية او المصالح الخارجية سابعا/ مراعاة الخصوصية الثقافية للمكونات الاجتماعية وكيفية التعامل معها..فالمتأمل للشروط الانفة الذكر يلحظ المفارقة المخلة لغالبية الشروط السبعة. سيما اختلال شرط الطبقة المتوسطة التي دأب بعض ممثلوها الانتهازيون في الاحزاب السياسية باستغلال طاقة العوام الفاعلة في تأجيج الجهوية والعرقية والثأر الايدلوجي شايعهم علي تضخيم هذا السوء انتشار وسائل السوشيال ميديا وطغيان سلطة العوام علي النخبة مما أدي إلي تغبيش وعي الجماهير فأضطرب ميزانهم في تقييم أحداث الوطن..فضلا عن عدم استقلالية بعض القوي المدنية وارتباطها بمصالح خارجية..مما جعل السمة العامة للقوي المدنية وعهود حكمها التشرذم والتناحر الحزبي والثأر الايدلوجي.دون اعتبار للتنمية ..كل ما ذكر يجعل ما يسمي بالقوي المدنية(مؤتمر وطني وأحزاب قحت)غير مستوفية شروط العملية الديمقراطية والشواهد في تاريخنا السياسي كثيرة .فعرض مناقص القوي المدنية ليس مدعاة (لديمومة)انفراد العسكر بالسلطة. رغم أن للعسكر فضيلة عظيمة حميتهم في حماية الوطن الا ان لهم منقصة مزمنة ذات علقة ببنيتهم و صرامتهم العسكرية وهي اعتبار ان الرأي الآخر او تعدد الآراء ماهي الا (مخالفة للاوامر ) التي تستوجب الأقصاء او العقوبة !؟.لكن كما أسلفنا ان سلطة الأمر الواقع بما ان واقعنا عسكري بأمتياز تقتضي ان يكون زمام امور البلاد بيد القوات المسلحة .علي اقل تقدير السنوات الخمس القادمة..وفي التاريخ عبرة لأولي الألباب فقد حفظت ذاكرة الشعب السوداني امتنانا لخكومة مايو في سنواتها الذهبية الخمس (1972-1977)م تمثلت في تخالف العسكر مع التكنوقراط. وهو النموذج الأمثل(المرحلي)لاستقرار كثير من بلدان العالم النامي سيما إذا لم تبلغ القوي المدنية عندها مستوي الرشد والنضج السياسي. كانت سنوات مايو الذهبية زاخرة بالانجازات بدءا باتفاقية أديس أبابا لوقف حرب الجنوب و مشاريع التنمية المختلفة وتمكين القومية واضعاف القبلية والجهوية. ومازالت ذاكرة السودانيين تطرب لأبطال ذاكم العهد من التكنوقراط الألمعي الدكاترة محي الدين صابر ،ومنصور خالد، وجعفر بخيت، وعلي شمو ،وعون الشريف قاسم ،وعمر الحاج موسي ،وغيرهم.لولا المصالحة الوطنية التي استدرجت مايو لحتفها لتعاظمت تلكم الإنجازات.. فعلي الفريق البرهان ان يحتزي النموذج المايوي في سنواتها الخمس الذهبية(تحالف العسكر والتكنوقراط)مع بعض التعديلات ..نعم نحن الان بحاجة لفكر سياسي جديد يلبي خصوصية واقعنا السياسي فالتاريخ علمنا أن أكثر المباديء رسوخا هي التي تتمخض من معاناة الشعوب وحروبها. فلولا الخرب العالمية الثانية لما انبثقت مباديء الأمم المتحدة وميثاق حقوق الإنسان فاليقدم الفريق البرهان نموذجا للحكم الراشد بازالة السوءة المزمنة للحكم العسكري (شمولية عسكرية باطشة)وابدالها(بشمولية عسكرية ناعمة) درءا لتناسل الثأرات بين المدني والعسكري. .وتوسيعا لبراحات المشاركة من الاوفق ان يتخذ مجلس استشاري من حكماء السودان يجتمع بهم شهريا قوامة ممثلون من (رموز دينية ،ونجوم المجتمع، وإدارة اهلية ،وبعض صناع الرأي العام)بهدف ربط السلطة الحاكمة بنبض المجتمع .وعلي القوي المدنية (مؤتمر وطني وأحزاب قحت او تقدم .او صمود) ان يستجيبوا لنداء الوطن ولا يثقوا بالوعود الإقليمية والعالمية التي قد لا تؤمن عواقبها . واستغلال الخمس سنوات القادمة في اعادة صياغة كياناتهم وأحزابهم فكرا وتنظيما ورؤي استراتيجية .وإجراء نقد ذاتي صادق وجريء .استعدادا لخوض منافسة انتخابية نزيهة..يكون فيها الحكم مدنيا مستحقا ويعود الجيش لسكناتة للقيام بواجبة المباشر حماية الوطن..فرس الرهان في الحالة السودانية الراهنة كسب الوقت وعدم تباطؤ القوي المدنية ..فما هو متاح الآن من داخل الوطن ربما يتعذر غدا فمنذ.. زمن كنا نكتب ومازلنا نقول ان حساسية الحالة السودانية اشبة بثور هائج في بيت من خزف….

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات