.
بقلم : علي بتيك.
لو لا دمشق لما كانت طليطلة ، دمشق هي “الأرض العامرة” في الآشورية والتأريخ يخبرنا بأنها أقدم عاصمة مأهولة في العالم وذكر ابن عساكر أنها تأسست بعد طوفان سيدنا نوح عليه السلام.كما أنها كانت مقر الدولة الأموية التي تمددت من كاشغر شرقاً إلى الأندلس غربا وإفريقيا جنوباً.وهي التي قدمت للأمة الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان والخليفة عمر بن عبد العزيز الذي أعاد سيرة الخلفاء الراشدين في الحكم.
إن سقوط نظام الأسد الطائفي البعثي لايمكن قراءته بمعزل عن التاريخ الذي هو مخزن العبر ومعلم الشعوب ولا غرو أن
استحوذ القصص القرآني على ثلثه والهدف أشار إليه ربنا تبارك وتعالى:(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب).وبالرجوع إلى التأريخ الحديث فقبل قرن من الزمان تم تفكيك الخلافة الإسلامية “العثمانية” إلى دويلات تقاسمها المستعمر الغربي بقيادة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والبرتغال..ولما عرفوا أنهم لامحالة مخرجون عمدوا إلى “تفخيخها” وإضعافها وبذر كل ما يفرق ويجزئ تلك الدويلات الهشة منطلقين من ملفات الأقليات العرقية والدينية والمذهبية والحدود والقوميات..و الأخيرة هي التي أنتجت النظام السوري المندحر الذي بدأ بعثيا ثم تقهقر إلى الطائفة العلويين وانتهى لحكم الأسرة.ولو نظرنا إلى المشكلات القائمة في السودان ولبنان مثلاً سنجد أن مبتداها ومرجعيتها قانون المناطق المقفولة الذي سنه البريطانيون في عام 1922م،أما في الحالة اللبنانية فقد كرس الدستور اللبناني لحكم الطوائف الذي وضعه الفرنسيون في سنة 1943م.
وحتى ثورات الربيع العربي الرافضة شعوبها لأنظمة خطفت الأوطان وأهدرت كرامة الإنسان التفوا حولها واخترقوها لتنتهي إلى صراعات نفوذ ومصالح وتنافس بدءاً من التدمير الممنهج وانتهاء بامتيازات مشاريع إعادة الإعمار كما حدث في العراق وسيحدث في ليبيا والسودان.لذلك ينتاب الأمة قلق حول مصير سوريا بعدما تخلصت من نظام السفاح بشار كون الأوطان لاتبنى بالشعارات أو التغني بالحريات ولا بالحماقات “الثورية” كحل الأجهزة الأمنية ولعن بشار الأسد وطغمته أو حرق قبر والده..فتلك أمة قد خلت ولابد من العمل الجاد لتدارك سوريا وتحصينها بتوافق وطني وإدارة انتقالية لفترة محدودة الأجل تقودها حكومة برنامج عالية الكفاءة تتصدى لتركة الماضي وتحديات الراهن ومخاطبة المستقبل تعمل على تهيئة البلاد وصولاً إلى انتخابات عامة.
ومثلما اقتبست العنوان من رائعة أمير الشعراء أحمد شوقي (قم ناج جلق) أختم بما ختم به من نصح قائلاً:
يافتية الشام شكراً لا انقضاء له*
لو أن إحسانكم يجزيه شكران
شيدوا لها الملك وابنوا ركن دولتها*
فالملك غرس وتجديد وبنيان
الملك أن تتلاقو في هوى وطن*
تفرقت فيه أجناس وأديان
نصيحة ملؤها الإخلاص صادقة*
والنصح خالصه دين وإيمان.