كان الناس يعتقدون أنه بمجرد سقوط الإنقاذ يختفي المؤتمر الوطني من الوجود ؛ كانوا يشبهونه بالاتحاد الاشتراكي الذي كان (حزب سلطة ) في عهد الرئيس جعفر نميري واختفى بعد سقوطه مباشرة ..!!
من كان يتصور أن المؤتمر الوطني الذي سقط بموجة احتجاجات عارمة أن يعود إلى واجهة الأحداث بهذه القوة ويتنافس الناس على رئاسته وقيادته ويتفاخرون بانتمائهم له ؟ بدلا عن الفرار منه والتنكر للاتباع له ..؟!
من كان يظن أن المؤتمر الوطني سيعود إلى الصدارة بعد تسخير كل الآلة الإعلامية الداخلية والخارجية التي حشدت خطاب كراهية غير مسبوق وسممت به البيئة السياسية وحاولت أن تغير به حقيقة الأشياء بما فيها ثوابت الدين والوطن ؟!
من كان يعتقد أنه بعد كل هذا الرصيد السلبي من العداوة والكراهية أن يعيد المؤتمر الوطني ترتيب نفسه ويتربع على صدارة المشهد السياسي السوداني ؟!!
المؤتمر الوطني – إذا ترك قياداته الصراعات وحظوظ النفس فهو صاحب الشرعية في هذه البلاد بلا منازع ..
المؤتمر الوطني هو حزب التنوع الأول في السودان ؛ وهو حزب الأغلبية ؛ هو حزب النخبة ؛ وفوق ذلك كله هو حزب الفكرة والبصيرة .. وما يحدث الآن محطة صغيرة من محطات التحدي فقد تجاوز الحزب ما هو أكبر من ذلك بكثير ..
فإذا كان الخلاف ليس حول قضية جوهرية ؛ وليس في ظاهره أو باطنه ارتباط بالخارج ولا بدويلة الشر ! ولا بالمليشيا ! وأعوانها ! فإذا كان الأمر كذلك فهو بسيط ضعيف الأثر ..!!
إذا كانوا جميعهم يقول أنه مع الجيش ويدعم معركة الكرامة ومع كنس المليشيا ..فهذا يعني الاتفاق على الجوهر ؛ وليس ضروريا من يكون رئيسا ولا كيف يكون ؟ فقد تحسم ذلك مؤسسات الحزب .
صفوة القول
الضجة التي أحدثها نبأ انعقاد شورى المؤتمر الوطني وما تلى ذلك من تداعيات مؤشر على أن التيار الإسلامي ما زال هو الأكثر حيوية ونشاطا وفاعلية ؛ فقط يحتاج التيار إلى رؤية جديدة ترسم ملامح المستقبل بشكل أفضل وعلى الجميع الاحتكام للمؤسسات .. مؤسسة الشورى .. ومؤسسة المؤتمر العام ؛ وعليهم قبل هذا كله الاتفاق على الأولوية الوطنية وهي حسم معركة الكرامة وفقا لمحاورها الرئيسة وهي محور الأمن والدفاع ، محور الإعلام والسياسة، محور الاقتصاد وكل ذلك في إطار معركة الكرامة ويكفي المؤتمر الوطني فخرا أنه يتحدث عن الشورى وعن الشرعية وعن الديمقراطية في زمن العجز والفشل في كل شيء ؛ والله المستعان .