تجربة الدكتور جون قرنق من التجارب التاريخية المعتبرة في إفريقيا . وقد كان المأمول في هذه التجربة وقائدها د.قرنق الذي جمع بين التأهيل الأكاديمي الرفيع والخبرات العسكرية والحنكة في أن يساهم بقدر معتبر في إخراج السودان كله (الذي لم يبرح مربع الأزمات الموقوتة منذ إعلان استقلاله وتأسيسه في ١٩٥٦م) إلى بر الأمان ،وفي ترسيخ وحدته واستقراره أو قيام دولة منفصلة بجنوب السودان تقوم على كفالة الحقوق والحريات .
لقد أنفصل جنوب السودان بعد أن لاقى قائده ،وقد وضع لبناته الأساسية مصرعه في ظروف وملابسات لا زالت غامضة ، وآلت الأمور لنائبه الرئيس سلفاكير الذي أضاع الفرص تلو الفرص لتصبح دولة جنوب السودان من الدول الرائدة في إفريقيا ، كما وشهد الجنوب عموما في عهده التراجع المتزايد في كل مناحي الحياة حتى بلغ ذروته في العهد القصير لتولي صهره المٌقال بنجامين بول ميل والذي صعد بسرعة البرق إلى منصب نائب الرئيس ، والنائب الأول لرئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان الحزب الحاكم، كما وقد صار الخليفة المنتظر للرئيس سلفاكير في موقعيه بالدولة وقيادة الحركة .
في الأسافير ووسائل التواصل الاجتماعي بقروبات جنوب السودان بأن بنيامين بول هو صاحب ومُخرج سيناريو إبعاد د رياك مشار من منصبه وملاحقته جنائيا . إن الدعوى الجنائية المرفوعة ضد د.رياك مشار لاتزال أمام المحكمة الجنائية بدولة جنوب السودان ،وهي التي تفصل فيها، وبالتالي ليس من الصحيح تناول إجراءات دعوى جنائية أمام محكمة مختصة قبل الفصل فيها .
ولكن قد يكون من الأوفق للرئيس سلفاكير ، ولدولة جنوب السودان، حيثما اتضح بأن ما يُقال عن بنجامين بول له ما يسنده أن يستكمل خطوات السير نحو التعافي في بلاده بين كل أبناء وطنه ، والعمل في معالجة الأخطاء ، وإسقاط التهم المنسوبة إلى نائبه الأول الأسبق في الدولة د رياك مشار وإعادته إلى موقعه ، والبحث معا ،ومع كل أبناء جنوب السودان الآخرين عن مخارج للبلاد من أزماتها . ليس من الحكمة بعد كل هذه السنوات الطويلة في الكفاح من أجل الديمقراطية والحريات، والمشاركة العادلة والمتساوية في إدارة الدولة . العودة بها إلى الوراء خطوت فخطوات متتالية حتى صارت دولة جنوب السودان .عنوانا وانموذجا لسوء الحكم والإدارة .
هل استفاد الرئيس سلفاكير من الدروس قبل فوات الأوان، واسقط التهم عن “د.رياك مشار “،واعاده إلى موقعه مكرما . بقلم/ الصادق علي حسن
