مع عودة الحياة تدريجيا إلى كثير من المدن والأرياف بعد سنوات من الحرب والفوضى بدأت تظهر واجهات غريبة تحاول إعادة البلاد إلى ماضي لن يعود وزمن لن تعود عقارب الساعة إليه.
شهد السودان خلال الفترة الماضية تصاعد أعمال العنف والانفلات الأمني بفعل مليشيا متمردة لكن بفضل قواتنا المسلحة والأجهزة النظامية والمقاومة الشعبية تم استعادة الاستقرار الجزئي وعودة الحياة اليومية إلى طبيعتها غير أن ظهور بعض الأجسام الهلامية والسياسية في هذا الوقت يثير القلق، لأنها تسعى لإعاقة مسيرة إعادة البناء والنهوض بالدولة، مستهدفة مؤسسات حيوية تمثل عماد المستقبل وعلى رأسها التعليم العالي.
ظهر كيان يحمل اسم “لاجسو” يدعي تمثيل أساتذة الجامعات ودعا إلى إضراب يشل المؤسسات التعليمية ويعطل عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة في الجامعات والكليات هذه الدعوة جاءت في وقت حاسم بعد أن بدأت العملية التعليمية تستعيد نشاطها بعد الانقطاع القسري الذي فرضته الحرب والفوضى، لتشكل تهديدا مباشرا لمسيرة التعليم ومستقبل الأجيال.
يبدو أن هذا الكيان يسعى عمدا لتقويض جهود الدولة في إعادة الحياة الطبيعية إلى مؤسسات التعليم العالي مستهدفا بذلك مستقبل الشباب ، إلا أن المجتمع والهيئات المهنية لم يتأخرا في الرد فالبيان الذي أصدره الاتحاد المهني العام لأساتذة الجامعات والمعاهد العليا السودانية جاء في وقته مؤكدا التزام الأساتذة بالعودة إلى التدريس ومواجهة دعوات التعطيل وقطع الطريق أمام أي محاولة لإضعاف العملية التعليمية. ويشير البيان بوضوح إلى أن كل الشعب السوداني بكافة فئاته يقف مع قواته المسلحة ومع عودة الحياة الطبيعية، ويرفض أي محاولات لتعطيل المؤسسات الحيوية أي كانت دوافع “لاجسو” أو غيرها من الجماعات المشابهة فإنها ستواجه إرادة مجتمع واعي وموحد يسعى لبناء مستقبل البلاد.
إن ظهور “لاجسو” في هذا الوقت يشبه ظهور مليشيا جديدة لكنها ليست مليشيا مسلحة بالمعنى التقليدي بل مليشيا فكرية وسياسية تهدف إلى إبطاء عجلة الحياة وتعطيل مسيرة التعليم، وقد أثبتت التجارب السابقة أن أي كيان يسعى لإضعاف الدولة أو تعطيل مؤسساتها الحيوية لن ينجح أمام إرادة شعب صامد، وأمام يقظة الأجهزة النظامية والمجتمع.
إن المحاولات لتعطيل التعليم في وقت كانت فيه الجامعات والكليات تستعيد نشاطها تعكس رغبة خفية لدى البعض في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لكن الواقع يشير إلى أن السودان بات أكثر وعيا واصرارا على تجاوز الماضي، وأن مستقبل التعليم ومؤسسات الدولة لن يكونا مجالا لأي تعطيل.
في مواجهة هذه المحاولات يظهر المجتمع السوداني متحدا مع قواته المسلحة ودولته متمسكا بحق أبنائه في التعليم والحياة الطبيعية ولن تسمح أي مليشيا مهما كانت تسمياتها بإيقاف عجلة الحياة عن مسارها الصحيح.
إن “لاجسو” وكل من على شاكلته سيجد نفسه أمام حائط الصرامة القانونية والمجتمعية، فالسودان لم يعد أرضا لتجربة تعطيل المؤسسات بل مساحة للبناء والنهوض ولعودة الحياة إلى مسارها الطبيعي ومع استمرار جهود الدولة في استعادة الأمن وإعادة المؤسسات الحيوية إلى نشاطها يثبت السودانيون يوميا أن إرادة الشعب ومؤسساته أقوى من أي محاولة لتقويض الاستقرار أو تعطيل التعليم، وأن مرحلة إعادة البناء والنهضة لن تتوقف أمام أي دعاوى أو تهديدات فارغة.
ولنا عودة.
16 نوفمبر 2025م
