الثلاثاء, نوفمبر 18, 2025
الرئيسيةمقالاتفلق الصباح ...

فلق الصباح علي بتيك يكتب… كاسك ياوطن

        معلوم أن نشأة السودان القطرية منذ استقلاله عن بريطانيا أواسط خمسينيات القرن الماضي لاتنفك عن السياسة الاستعمارية "فرق تسد" التي أقرتها اتفاقية "سايكس بيكو" بعيد تفكيك الدولة المركزية "الخلافة العثمانية" وأن الحدود التي رسمها المستعمر ليست موضوعية بل هي ألغام يمكن تفجيرها عن بعد.كما أن المستعمر كرس جهوده وسياساته وخططه لما يعزز بقاءه ويحكم سيطرته فاعتمد على خريجي المرافق التي أنشأها كالمدارس الثانوية وكلية غردون،فضلا عن زعماء الطوائف والعشائر وأبنائهم وهم من خلفوه في الحكم وتنكبوا طريقه في التمكين لسلطتهم.
       ومن البديهي أن المستعمر لم يكن ليسمح للسودان الغني بموارده أن يستقر لذلك استنزفوه بدءاً من تمرد الجنوب قبيل استقلاله وانتهاء بتمرد المليشيا مؤخراً والمدعوم من دوائر معادية طامعة في السودان موانئه وموارده.إن الحرب ورغم مآسيها إلا أنها كشفت عن جوانب الخلل ونقاط الضعف والهشاشة في البنية السودانية وتغلغل أجهزة الاستخبارات الأجنبية. وفي المقابل أسهمت معركة الكرامة في توحيد السودانيين على اختلاف مشاربهم وأعراقهم واكدت على انتصار إرادة الوطن. لكن يبقى التحدي في استلاهم الدروس ومخاطبة جذور الأزمة والتحرك للأمام إصلاحا للشأن كله.
        وبعيدا عن الشعارات المخادعة والمستوردة فإن التجربة السودانية تؤشر إلى أن العلة تكمن في النخب المستلبة لدرجة الخيانة لذلك تتراجع أوضاع البلاد وتتدهور ولن تتقدم وإن تقاطروا للمصالحة الوطنية أو تنادوا لمؤتمر دستوري تتمخض عنه وثيقة دستورية وانتخابات..كون هذه النخب جزء من الأزمة لا الحل لذلك لابد من تجاوزهم والعمل على صياغة مشروع وطني عماده التربية الوطنية وتعزيز ثقافة الحوار وإدارة التنوع..مشروع يسهم في إعداد قيادات جديدة بأفكار ورؤى متجددة متحررة من تركة الماضي التي صيرت حال المواطن كحال "غوار" في مسرحية "كاسك ياوطن" التي استعرت عنوانها والتي نجح مؤلفها محمد الماغوط في تصوير حالته البئيسة بعدما خسر كل شيء وانتهى به المطاف إلى أن يكلم الموتى ويستنطق الصور.. وقد نجح دريد لحام في تجسيد شخصية "غوار".ومن عجب أن والد "غوار" عندما سأله عن الوحدة وهل صرتم دولة واحدة؟ أجابه من أنه "فطر اليوم في بغداد وتغدى في الخرطوم ويكلمه من أبو ظبي"..وما درى "غوار" أن حكام الإمارات خلف من بعدهم أمراء عملاء أصابوا العرب في مقتل هرولة للتطبيع وابتداعا للديانة الإبراهيمية وتكريسا للشرق الأوسط الجديد القائم على تفكيك المفكك وتجزئة المجزأ وليت "غوار" يخبره بما حدث في العراق و الشام واليمن والصومال وليبيا وانتهاء بالسودان الذي يخوض معركة الكرامة مقاومة لهذا المشروع "الصهيو أمريكي".
مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات