الخميس, نوفمبر 13, 2025
الرئيسيةاقتصادنداء الإنقاذ الاقتصادي: "ملتقى الصادرات" يدعو لتحوّل هيكلي في الزراعة لمواجهة تداعيات...

نداء الإنقاذ الاقتصادي: “ملتقى الصادرات” يدعو لتحوّل هيكلي في الزراعة لمواجهة تداعيات الحرب. أزمة الصادرات في السودان: الحكومة تعترف بـ”الدائرة المفرغة” والمصدرون يطالبون برفع قيود الضرائب

تقرير: محمد مصطفى
في ظل التحديات الاقتصادية المتفاقمة التي يشهدها السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، برزت دعوات عاجلة لإعادة هيكلة قطاع الزراعة والصادرات كمدخل رئيسي لإنقاذ الاقتصاد الوطني. وفي هذا السياق، نظّمت الغرفة القومية للمصدرين ملتقى اقتصاديًا بمدينة بورتسودان تحت عنوان “ملتقى الصادرات”، بمشاركة واسعة من المسؤولين والخبراء، لبحث سبل النهوض بالإنتاج الزراعي والحيواني وتجاوز تداعيات الحرب.
شهدت الصادرات الزراعية والحيوانية تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الثلاث الماضية منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023، حيث خلّفت الحرب الدائرة تداعيات خطيرة على الاقتصاد السوداني الذي يعاني من تدهور حاد بعد توقف إنتاج النفط، وازدياد حالات تهريب المعادن النفيسة، خاصة الذهب. وقد ضاعف ذلك من الضغط على الطلب المتزايد للنقد الأجنبي لمقابلة الاستيراد، وفاقم من أزمة النزوح واللجوء إلى دول الجوار، في وقت لا يزال فيه الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على الاستيراد لمعظم السلع والمنتجات.

وفي إطار تأكيد دور قطاع الصادرات كقاطرة لدعم الاقتصاد وتجاوز آثار الدمار، نظّمت الغرفة القومية للمصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أمس، “ملتقى الصادرات” بمدينة بورتسودان، حيث قدمت رؤيتها الاقتصادية الشاملة لزيادة الإنتاج والصادرات. وقد شارك في الملتقى وزراء القطاع الاقتصادي وعدد من المهتمين، لتبني خطة ترتكز على الزراعة كقاعدة للنهوض الاقتصادي في العام المقبل.

في تعقيبها على ورقة رؤية الصادرات، أقرت وزيرة شؤون مجلس الوزراء، د. لمياء عبد الغفار، بأن وضع الصادرات ظل يراوح مكانه طوال أربعين عامًا في “دائرة مفرغة” من الخطط الطموحة التي تصطدم بالواقع المعقد. ونبّهت إلى أن الحرب الضروس دمّرت البنى التحتية، ورهنت تحقيق عائدات الصادرات بعودة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية للمزارعين وعودة المواطنين.

وأكدت د. لمياء أن دور الحكومة ينحصر في وضع السياسات، وأنها لا تستطيع العمل منفردة، مشيدة بـ”حكومة الأمل” وشراكتها الاستراتيجية مع القطاع الخاص، ومؤكدة أن الحكومة تولي أهمية كبيرة لهذا الملتقى باعتباره خطوة عملية لتعزيز الصادرات. كما أشارت إلى أهمية فكرة الربط بين الزراعة والصناعة التي تضمنتها رؤية المصدرين، داعية إلى إدراجها ضمن التوصيات الجوهرية.

المالية: الأرقام ضعيفة.. ونمد أيدينا للقطاع الخاص

من جانبه، وصف وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، د. جبريل إبراهيم، الأرقام الواردة في ورقة المصدرين بأنها “ضعيفة جدًا”، الأمر الذي يتطلب استثمارًا كبيرًا في القطاع الزراعي ليكون المخرج الآمن للنهضة المستدامة.

وشدد الوزير على ضرورة تركيز المسؤولين على الصادرات بوصفها عجلة التنمية في الأعوام القادمة، والعمل على تخفيف التكلفة لزيادة القدرة التنافسية. وأكد د. جبريل أن الحكومة ترحب بالقطاع الخاص وتدعم دوره، وأنها ستكتفي بتحصيل الضرائب، بينما ينحصر دورها في تنظيم عملية الإنتاج والنمو الاقتصادي، متعهّدًا بالعمل على تنفيذ توصيات الملتقى وفق الأولويات الاستراتيجية.

المصدرون يطالبون بتحوّل هيكلي ورفع القيود

اعترف رئيس الغرفة القومية للمصدرين، د. وجدي ميرغني، بضعف تمويل المشاريع القومية، مبينًا أن الصادرات ظلت لفترة طويلة في حدود 2 مليار دولار، منها نحو 1.5 مليار دولار للصادرات الزراعية.

وطالب ميرغني بضرورة إحداث “تحوّل هيكلي في القطاع الزراعي” لزيادة الإنتاج والإنتاجية، مشيرًا إلى ضعف العائد من الفدان مقارنة بدول أخرى مثل مصر، وعزا تدني الصادرات إلى ضعف السياسات وتمويل القطاع الزراعي. كما شكا من مضاعفة الرسوم والضرائب التي تعترض طريق المنتج الزراعي عبر نقاط تحصيل متعددة من مواقع الإنتاج حتى التصدير.

ودعا ميرغني إلى وضع خطة خمسية طموحة لزيادة إنتاجية الفدان من 200 إلى 250 كجم، وصولًا إلى 500 كجم في المستقبل. وأكد أن السودان قريب من الأسواق العربية التي تحتاج إلى غذاء بقيمة تناهز 131 مليار دولار، وأن السودان قادر على تغطية احتياجات المنطقة بإنتاج يمكن أن يصل إلى 10 مليارات دولار. كما أشار إلى أن تكلفة الاستثمار الزراعي منخفضة، رغم انخفاض المساحات المزروعة حاليًا بسبب الأحداث الجارية.

إشادة بالقطاع الخاص والذهب يُقر بالقصور
أشاد رئيس الغرفة التجارية ونائب رئيس اتحاد أصحاب العمل، علي صلاح، بدور القطاع الخاص الذي واصل عمله بقوة في الظروف الاستثنائية، متحمّلًا مسؤولية توفير الدواء واحتياجات المواطنين منذ اندلاع الحرب. لكنه انتقد في الوقت ذاته عدم تنفيذ التوصيات في الوقت المحدد، مشددًا على ضرورة تنفيذ مخرجات ملتقى الصادرات لإخراج الاقتصاد إلى بر الأمان.

وفي سياق متصل، أقر المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، محمد طاهر، بوجود قصور في قطاع الذهب، مشيرًا إلى أن الشركة تعمل على مراجعة وتقييم الشراكات القائمة مع شركات الإنتاج التي لا تتجاوز 13 شركة من أصل أكثر من 160 تعمل في القطاع. ونوّه إلى أن قطاع التعدين التقليدي شهد تجاوزات بعد اندفاع قطاعات متعددة إليه لتعويض خسائرها بعد الحرب، مما أدى إلى ممارسة أنشطة غير مرخصة دون التزام بالضوابط والقوانين.

ختام الملتقى: القطاع الخاص شريك التعافي

اختتم الملتقى أعماله بتوافق على أن القطاع الخاص هو شريك أساسي في عملية التعافي الاقتصادي، وأن الطريق الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية والضغط على النقد الأجنبي يمر عبر تحقيق قفزة نوعية في الإنتاج الزراعي والصناعي، من خلال إزالة المعوقات الهيكلية والإجرائية، خصوصًا ما يتعلق بالتمويل والضرائب، مع التأكيد على ضرورة إعادة تنظيم وضبط قطاع التعدين.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات