الخميس, نوفمبر 13, 2025
الرئيسيةمقالاتالإنسحاب بلسان الفعل بقلم/ د. إسماعيل...

الإنسحاب بلسان الفعل بقلم/ د. إسماعيل الحكيم..


لقد أدى إنسحاب الأخ الوزير.. خالد الإعيسر من الجمعية العامة للأمم المتحدة للسياحة في لحظة من moments حاسمة حملت بين طياتها رسائل عميقة، فما قام به وزير الثقافة والإعلام والسياحة السوداني، خالد الإعيسر، خطوة جريئة في الساحة الدولية، حيث انسحب من جلسات اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة للسياحة في الرياض، في موقف غير تقليدي ولكنه غني بالدلالات. هذا الانسحاب لم يكن مجرد رد فعل على ترشح ممثل دولة الإمارات لرئاسة المنطقة، بل كان رسالة قوية تعبّر عن موقف واضح لا لبس فيه أن السيادة الوطنية والكرامة لا يمكن أن تُباع او تشتري في السوق الدولي ، وأن الإرهاب والتطرف ليس لهما مكان في عالم السياحة والقيادة الدولية.
إن هذه الخطوة ما كانت موقفاً منبتاً ، بل كان انسحاباً وطنياً خالصاً يعكس الرغبة في الوقوف ضد من يستمر في دعم الإرهاب وتمويل المليشيات المتمردة التي تزرع الخراب وتدمّر الأوطان. لقد كانت رسالة مشفرة للعالم، بقدر ما هي مواجهة مباشرة لأولئك الذين يرعون الفوضى ويهددون استقرار دول المنطقة، وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها مواطنو بعض الدول العربية والمثل السودان.
لقد سعى الإعيسر من خلال هذا الانسحاب إلى تسليط الضوء على موقف بلاده الثابت من القضايا المصيرية، التي تمس أمن واستقرار المنطقة العربية. فهو لم يعترض على ترشح ممثل دولة الإمارات مجرد اعتراض على شخص، ولكن على ما تُمثله سياسات تلك الدولة من دعم للجماعات المسلحة، وتمويل الإرهاب تحت سمع وبصر العالم أجمع، دون أن يُحاسب أحد على هذه الانتهاكات التي تمس كرامة الشعوب.
في هذا السياق، إن انسحاب خالد الإعيسر كان بمثابة تكريم للكرامة الوطنية السودانية، التي لا تقبل المساس بسيادتها أو تحمّل دعم الإرهاب بأي شكل من الأشكال. فقد كان للوزير السوداني رسالة أعمق من كل خطاب، أكثر قوة من كل بيان، بل وأبلغ من كل كلمة ألا وإن من يلوّث يداه بدماء الأبرياء ويدعم المجموعات التي تخرج عن القانون، لا يستحق أبداً قيادة أي هيئة دولية أو مسؤولية تتعلق بمصير الشعوب.
لقد قدّم الإعيسر هذا الموقف الشجاع ليُعلّم العالم أن سيادة الدول فوق أي اعتبار، وأن قيمة الإنسان يجب أن تكون في صميم أي عملية اتخاذ قرار دولي. إن من يشارك في نشر الفوضى وتقويض أمن الدول لا يمكنه أن يكون جزءاً من حل قضايا المنطقة أو تمثيلها في أي منتدى دولي.
وفي هذا الموقف، لا يقتصر الأمر على تحدٍ ضد سياسة معينة، بل هو دعوة صادقة للعدالة والإنصاف في التعامل مع قضايا المنطقة العربية والإفريقية. فالمجتمع العربي والدولي مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن يكون أكثر عدلاً وإنصافاً في نظرته تجاه القضايا المتشابكة التي تخص أمن الشعوب. يجب على العالم أن يعترف بأن دعم الإرهاب والمليشيات، مهما كانت المبررات، هو جريمة يجب أن تُحاسب عليها الدول ولا يمكن السكوت عنها.
إن موقف الإعيسر لم يكن مجرد موقف سياسي، بل كان تعبيراً عن رفض كامل للظلم والطغيان، وتأكيداً على أن كرامة الشعوب لا يمكن أن تُهان تحت أي مسمى كان. إن انسحاب وزير الثقافة والإعلام السوداني كان بمثابة صحوة ضمير للعالم، رسالة لا يمكن تجاهلها، وهي دعوة للأمة العربية والعالم أجمع للوقوف ضد من يسعى للدمار والتقسيم. فالعالم لا يحتاج إلى قادة ممّن يتاجرون بالأزمات، بل إلى قادة يرفعون شعلة الأمل ويعملون من أجل السلام والاستقرار.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات