تشهد ولاية البحر الأحمر صباح اليوم انطلاق مشروع “صناعة داعية”، الذي تُطلقه منظمة همة للإعمار، مستهدفة تدريب خمسين شاباً وشابة على مهارات الدعوة الرقمية والخطاب الدعوي المتزن، في خطوة تعكس يقظة جديدة لدور منظمات المجتمع المدني في صيانة النسيج الاجتماعي وبناء الوعي.
ويأتي هذا المشروع في لحظة وطنية فارقة، إذ يتطلع السودان إلى خطاب دعوي متزن، راسخ الجذور، يبتعد عن ضجيج الكراهية وخطاب التمزق القبلي والجهوي، ويؤسس لوحدة تجمع ولا تفرق، وتؤلف ولا تشتت. خطاب يمزج بين الشريعة التي تُهدي لكل خير والطبيعة التي تجمع الناس على جمال الخير وسماح الذوق ، وحاجتهم الفطرية إلى السكينة والمعنى.
وتؤمن منظمة همة للإعمار بأن الدعاة هم رأس رمح التغيير المنشود، وأن بناء قدراتهم على الدعوة الرقمية هو ضرورة يفرضها العصر، حيث باتت المنصات الرقمية ساحات للتأثير والتوجيه وصياغة الرأي العام. لذلك جاء التركيز على “التقنية والتقوى” معاً، حتى تكون الرسالة الدعوية محكمة في مضمونها، ورشيقة في أدواتها، وقادرة على الوصول إلى القلوب والعقول بعمق وذكاء.
ولا يقف مشروع “صناعة داعية” عند حدود التدريب الفني، بل يتجاوز ذلك إلى إعمار القلوب، باعتبار أن إصلاح الداخل هو بداية كل إعمار حقيقي. فحين تُحيى القيم وتُستعاد الفضائل وتنهزم الرذائل، يصبح المجتمع أكثر تماسكاً، وأكثر قدرة على النهوض بنفسه، ويغدو الخطاب الدعوي قوة توحيد وبناء، لا مادة خلاف وانقسام.
إن خطوة منظمة همة للإعمار تجاوزت فكرة برنامج تدريبي، بل هي عتبة أولى في مسار تعافي الوطن، وبداية لمعمار جديد يتكئ على الوعي، وتستند أعمدته إلى شباب يملكون المعرفة والرسالة معاً. وهي دعوة مفتوحة لبقية منظمات المجتمع المدني كي تنهض بأدوارها، وتعيد الاستثمار في الإنسان السوداني، باعتباره الثروة الكبرى، والركيزة التي لا ينهض وطن من دونها. Elhakeem.1973@gmail.com
