السبت, سبتمبر 27, 2025
الرئيسيةمنوعاتمن بريد الأسرة.. ...

من بريد الأسرة.. يكتبها/ علي بتيك. ومن بحيرة النوبة إلى بحر إيجة رسالة إلى ميار تهنئة وتوطئة


اﻻبنة النجيبة..السلام عليكم ورحمة الله،،
هذي هي “الدّنيا الجديدة” فانظري
فيها ضياء العلم كيف تألقا..
وأنت تيممين وجهك صوب تركيا نوصيك أولا بتقوى الله وصية اﻷولين للآخرين حتى تظفري بمعيته،وهي مفتاح الفلاح لخيري الدنيا والآخرة.ثم كوني نموذجا مشرفا ﻷهلك،وسفارة لوطنك إن في الجامعة أو المجتمع المحيط..كما عليك التروي والتمحيص في اختيار الزملاء واﻷصحاب ممن يتصفون بمكارم اﻷخلاق وعلو الهمة سودانيين كانوا،أم عربا أو أتراكا،ففي كل الشعوب يتمايز اﻷفراد فمنهم الصالحون ومنهم دون ذلك.ومن خبرات اﻻغتراب وتجارب مفارقة اﻷوطان بتنا مطالبون بالتنازل عن عفويتنا المغلقة طيبة،وهي دعوة للعقل كي يكون حاضرا متقدما على القلب إن لم يحاذيه ويوازيه خارج حدود الوطن.
العزيزة ميار.. إن الظفر بمنحة خارجية نعمة لها فوائد جمة خلافا للجانب اﻷكاديمي ومؤسساته المستقرة المحفزة على النبوغ هناك،فضلا عن ماتوفره من تعلم لغة جديدة وإلمام بلسان القوم مما يسهل الغوص في بحارهم طلبا لنفائس جواهرهم..ولا أخالك تحتاجين تنبيها أو تذكرة لبذل جهد أكبر وهذا بفضل الله كان – ولايزال – أهم ميزاتك منذ البدايات وانت تشدين المئزر وتسهرين استذكارا وتحصيلا طلبا للعلا،وهو ما توجك في صدارة الولاية وعلى مستوى الوطن كله في امتحانات الشهادة السودانية.فالحمد لله من قبل ومن بعد،لكن المنحة قد تختلف كونها تجربة مسرح مفتوح يؤمها أناس من بلدان وخلفيات ثقافية وحضارية متعددة متنوعة.فالتنافس يأخذ هناك بعدا عالميا وهو ما سيضيف لسيرتك ومسيرتك العلمية كثيرا.كما أن فرصة العيش في بلد آخر تعني بالضرورة تحقيق كل فوائد الأسفار التي عددها اﻹمام الشافعي.ففيها اكتساب لحواس وأعضاء جديدة فكأنما يضيف اﻹنسان عينا ثالثة وأذنا،وذاكرة غير محدودة السعة ترقب وتنقب وتدون وتوثق قصة البلد المضيف بتأريخه وجغرافيته وسكانه وثقافته وكل تفاصيل حضارته الممتدة.فتركيا لها قدم راسخة في التجربة اﻹنسانية لاسيما بعدما فتحها محمد الفاتح “1453م” محققا بشارة الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه قبل ذلك بمئات السنين وبلغت شأوا في الرقي والتقدم صيرها إمبراطورية ودولة عظمى.دون إغفال امتداداتها السابقة إذ كانت مقرا للدولة البيزنطية كما تشهد اﻵثار الباقية،كما أن تركيا لاتزال موصولة بالبر اﻷوربي عبر المضايق المشهورة “البسفور والدردنيل” وحاضرة بقوة في البلقان.ولن ننسى أنها قادت المشرق العربي اﻹسلامي وحكمته ﻷكثر من أربعة قرون.وهي بموقعها وموضعها الجغرافي استراتيجية لتمددها بين آسيا وأوربا ومشاطأتها للبحار الدافئة “إيجة واﻷبيض واﻷسود”..وهي من الدول التي أسست نهضتها استنادا على البحث العلمي مما جعلها تحتل موقعا متقدما أهلها لعضوية حلف الناتو ومجموعة العشرين وغيرها.
اﻻبنة ميار ماتمنيته قبل سنوات وأنت تصرحين من أنك ستدرسين في تركيا قد تحقق بفضل الله..إنها لحظات تختلط فيها مشاعر الفرح بنوبات حزن،إذ جاءت المنحة في زمن المحنة وليس أدل على ذلك من أنه وفي الوقت الذي تتأهبون فيه لمغادرة الوطن يتأهب أساتذتكم في جامعة الخرطوم لتنفيذ إضرابهم بعدما تقطعت بهم السبل وضاقت بهم الحال طمعا في الحد الأدنى لحياة كريمة..إن منحة تركيا التي بحساب الزمن لاتتجاوز خمس سنوات لكنها حتما ستضيف إلى عمرك آﻵف السنين المعرفية بما تتيحه لكم من فرص،ولما لمسناه فيكم من إصرار وعزيمة وعلو همة وتوظيف للقدرات وفوق هذا وذاك إدارة نابهة للوقت.
العزيزة ميار..مثلما بدأنا لا نجد خاتمة أفضل من وصية الرسول اﻷعظم صلى الله عليه وسلم لابن عباس:”أحفظ الله يحفظك..أحفظ الله تجده تجاهك..” الحديث.
ختاما نسأل الله أن يسهل لكم طريق العلم الذي سلكتموه وأن يكتب لكم التوفيق والسداد والنجاح والتوفيق في بعثتكم..والشكر بعد الله لتركيا ومواقفها المشهودة تجاه السودان ولما قدمت من فرص لنوابغ السودان بناة مستقبله..كوني بخير ولاتنسونا والبلد من دعائكم..وتقبلوا تحيات ودعوات اﻷسرة وكل اﻷهل الكرام..
والسلام عليكم ورحمة الله.
والدكم علي بتيك

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات