السبت, سبتمبر 27, 2025
الرئيسيةمقالاتشئ للوطن ...

شئ للوطن أهل الحل والعقد: بوصلة السودان نحو المستقبل بقلم/ م.صلاح غريبة – مصر

منذ اندلاع الأزمات المتتالية في السودان، تبحث الأمة عن طريق للخروج من النفق المظلم. وبينما تتلاطم الأمواج السياسية والاقتصادية، يبقى سؤال جوهري يلوح في الأفق: من يملك مفتاح الحل؟ الإجابة تكمن في ضرورة النهوض والاهتمام بـ”أهل الحل والعقد”، تلك الفئة التي لطالما كانت صمام أمان الأمة، وقادرة على لمّ الشمل وإعادة البناء.
“أهل الحل والعقد” ليسوا مجرد مصطلح سياسي، بل هم نخبة المجتمع من ذوي الكفاءة والحكمة، الذين يجمعون بين الخبرة والمعرفة، ويتمتعون بقبول واسع من جميع الأطياف. إنهم حكماء القبائل، ورجال الدين المعتدلون، والخبراء الاقتصاديون، والأكاديميون، والمثقفون المستقلون، وشيوخ العشائر، وحتى الشباب الواعي الذي يمتلك رؤية مستقبلية. هؤلاء الأفراد، بتنوعهم، يشكلون بوصلة المجتمع، القادرة على توجيه السفينة السودانية بعيدًا عن العواصف.
إن القضايا السودانية الحالية تتطلب حلولًا شاملة لا تقتصر على الحلول السياسية البحتة. الصراعات القبلية، الأزمة الاقتصادية، التدهور الأمني، والتشرذم الاجتماعي، كل هذه التحديات لا يمكن مواجهتها إلا من خلال حوار وطني شامل يقوده من يثق بهم الشعب. وهنا يبرز دور أهل الحل والعقد، فهم يمتلكون القدرة على بناء الجسور فهم قادرون على مد جسور الحوار بين الأطراف المتنازعة، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو قبلية. ثقتهم واحترامهم يمنحهم القدرة على التوسط والوصول إلى تفاهمات لم يتمكن السياسيون من تحقيقها.
على عكس السياسيين الذين قد تحركهم أجندات قصيرة المدى، فإن أهل الحل والعقد يفكرون في مستقبل الأمة وأجيالها القادمة. هم يعملون من أجل صالح الوطن، وليس من أجل مصالح شخصية أو حزبية ضيقة، وهم تمثيل الشعب الحقيقي فهؤلاء الأفراد غالبًا ما يكونون أقرب إلى نبض الشارع وهمومه. هم يمثلون الفئات المهمشة والصوت الذي لا يُسمع، مما يجعلهم القناة الحقيقية للتعبير عن تطلعات الشعب السوداني.
بالرغم من أهمية هذا الدور، فإن هناك تحديات تحول دون تمكين أهل الحل والعقد. من أهم هذه التحديات هو تغييبهم عن المشهد العام بفعل هيمنة الخطاب السياسي العسكري. كما أن التشرذم الذي أصاب المجتمع قد انعكس عليهم أيضًا، مما جعل من الصعب عليهم التوحد في جبهة واحدة.
لمواجهة هذه التحديات، يجب على المجتمع السوداني بكل فئاته أن يعمل على إعادة الاعتبار لهم من خلال تسليط الضوء على دورهم التاريخي والاجتماعي، ودعم مبادراتهم الرامية إلى حل الأزمات، وتوفير منصة لهم بايجاد مساحات للحوار والتشاور تمكنهم من الاجتماع والتنسيق، ووضع رؤية موحدة للمستقبل، بجانب دعمهم ماديًا ومعنويًا من خلال توفير الإمكانيات اللازمة لتمكينهم من القيام بواجباتهم على أكمل وجه.
إن طريق الخلاص للسودان لا يمكن أن يمر إلا عبر عودة الحكمة إلى الواجهة. أهل الحل والعقد هم الخيار الطبيعي للخروج من الأزمة الحالية. إنهم القادرون على صياغة عقد اجتماعي جديد يجمع السودانيين على كلمة سواء، ويؤمن مستقبلًا أكثر استقرارًا وازدهارًا. لقد حان الوقت لأن يستمع الجميع إلى صوت الحكمة، وأن يضعوا مصير الأمة بين أيدي من يخشى الله في الوطن. Ghariba2013@gmail.com

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات