الأحد, سبتمبر 14, 2025

كل الحكام خونة… إلا أمي!بقلم : حمد يوسف حمد

في هذه القارة المليئة بالغبار والدموع، اعتدنا أن نصحو كل صباح على خبر جديد:
حاكم باع الميناء، وآخر رهن النهر، وثالث أقسم ألا ينام حتى يبيع الهواء في مزاد علني. وكأنهم يتنافسون في “أطول صفقة خيانة” تدخل موسوعة غينيس.

الحكام عندنا لا يعرفون من السياسة إلا أبواب البنوك. شعوبهم بالنسبة لهم مجرد مخازن ضرائب وحقول أصوات انتخابية تُحصد وقت المواسم، ثم تُترك للأعشاب اليابسة. كلهم يتحدثون باسم “الوطن” بينما جيوبهم تتحدث باسم “الأوفشور”.

وحين تقرأ التاريخ تكتشف الكارثة: من زمن السلاطين إلى زمن الرؤساء المخلدين، ومن عهد “البيعة” إلى عهد “الصناديق الشفافة”، كانت الخيانة هي البرنامج الانتخابي الوحيد الثابت. والنتيجة؟ شعوب فقيرة، أنهار دم، ووجوه مبتسمة خلف القصور.

لكنني، وللأمانة، لا أستطيع أن أقول “كل الحكام خونة” بشكل مطلق… فهناك استثناء وحيد: أمي.
هي الحاكم الوحيد الذي لم يسرقني، لم يبعني في مزاد السياسة، لم يرفع عليّ ضريبة الأوكسجين، ولم يكتب على جدار البيت: “من يعارض، فليغادر!”.

أمي حكمتني بالرحمة لا بالقهر. كانت ميزانيتها: رغيف ساخن، دعاء صادق، وكسرة خبز تُقسم على الجميع. لم ترسلني إلى حرب عبثية، ولم تضع صورتي في حملة انتخابية، ولم تقل يوماً: “أبني من أجل الشعب” وهي تبني لنفسها قصراً من الذهب.

لذلك أستطيع أن أختصر:

كل الحكام خونة.

كلهم يبيعون ويشترون.

كلهم يبتسمون في التلفزيون ويقطفون أعناق الناس في الكواليس.

آخر الكلام:

أما أمي؟ فهي الحاكم العادل، آخر مملكة صادقة في هذا العالم المليء بالخيانة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات