أطلت مدينة الغردقة العاصمة الإدارية لمحافظة البحر الأحمر بجمهورية مصر العربية الشقيقة عبر روضتها القرآنية أطلت على تكية مطبخ الخير من أهل الخير بالفاشر بدعم مالي سخي بتاريخ الرابع من شهر سبتمبر للعام 2025م، لتحضير وجبة إفطار لآلاف الجوعى الذين بات لاملاذ لهم سوى ما تجود بها الأيادي الخيرة.
إن استشعار الإخوة في شمال الوادي ممثلين في فريق جنتين، ينم عن روح المؤآخاة الحقة في الإنسانية، وفي العقيدة الإسلامية التي تحث على التعاضد، والتكافل الاجتماعي كما قال المصطفى صلَّ الله عليه وسلم :” إن مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.” وإن هذا الاستشعار الإنساني النادر قد أوجد صدًى عميقاً وطيباً في نفوس المستفيدين الذين عبروا عن فرحتهم وسعادتهم الغامرة وإمتنانهم الجزيل لفريق جنتين لنشاطها الإنساني الكريم.
ومن المؤكد أن مبادرة جنتين ستضاف إلى الشواهد،والجمائل، والمحاسن التي ظلت تقدمها جمهورية مصر العربية حكومة وشعباً تجاه الشعب السوداني منذ إندلاع محنة هذه الحرب الضروس،وستظل مسطرة بأحرف وضاءة في سجلات تاريخنا المعاصر ،وقد شهد العالم كيف استقبلت مصر المأمنة أرض الكنانة، الملايين من أبناء الشعب السوداني بكل أريحية وترحاب، فها هو عطاؤهم وخيراتهم أكدت اليوم للذين آثروا البقاء والتمسك بمدينة العزة والكبرياء “فاشر السلطان” كرم ونبل شعب مصر العظيم.
وهذا العطاء المشهود يعيد إلى أذهاننا فضائل أسلافنا إبانة سلطنة دارفور تحت قيادة السلطان علي دينار، حيث كانوا يهيئون المحمل المكون من صرة الحرميين والماشية والمنتجات الزراعية، والهدايا، بجانب الأطعمة التي يتم توزيعها على الفقراء والمحتاجين من الحجيج، بجانب إرسال الكسوة للكعبة الشريفة؛ غير أن الأخلاف بسبب هذه الحرب المستعرة أعوارها باتوا يتلقون الصدقات من الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير داخل الوطن وخارجه في مشهد يُترجم فيه معاني الأية القرآنية الكريمة:” وتلك الأيام نداولها بين الناس”.
وتعد الحرب التي أهلكت الحرث، والنسل، ودمرت البني التحتية من الطرق، والمرافق الخدمية والإقتصادية في عاصمة إقليم دارفور من أعظم الابتلاءات التي تجلت في تاريخ المدينة، وللمرة الأولى يعيش إنسانها المتعفف على نفقات المتصدقين والمتصدقات.
فهنالك الآلاف من العوائل التي فقدت مصادر دخل أرزاقها، ومنازلها، وأملاكها، وليس ذلك فحسب بل أيضاً أن المواد الغذائية المحدودة جداً في المدينة تضخمت أسعارها بطريقة غير مسبوقة نتيجة للحصار الخانق، مثالاً لا حصراً حيث إرتفع سعر جوال الدخن إلى نحو “11”مليون جنيه سوداني أي بنحو “4” آلاف دولار أمريكي، وجوال السكر بواقع “9”مليون جنيه أي ما يعادل “3” آلاف دولار ، وإذا إقتربنا من هذه المعادلة بصورة أكثر فنجد أن جوال الدخن الذي يمثل المصدر الرئيس للغذاء لأهل دارفور، في مناطق ومدن دارفور الأخرى، لا يتعدى سعره الحقيقي مبلغ “100” ألف جنيه سوداني أي بنحو “30” دولار أمريكي، بينما جوال السكر بنحو “140” ألف جنيه أي في حدود “40” دولار أمريكي.
فهذا الواقع يحتم على كل ضمير نابض بالحياة في وطننا وعالمنا الإسلامي، والإفريقي، والعربي، أن يهب نصرةً لسكان الفاشر المحاصرين جوراً لأكثر من عام ونصف، كان ذلك بالعمل الصالح من التبرعات المالية أو بالكلم الطيب والتضرع إلى الله تعالى أن يفك أسر المستضعفين من الأطفال، والنساء، والشيوخ وحتى الشبان.
وهنا نبتهل لله تعالى خاشعين أن يبارك ويزد في أموال فريق جنتين- تبرع روضة القرآن بمنطقة الغردقة، وكل من تصدق بماله نسأل الله أن يوسع له في رزقه، ونحث كل الخيريين على المسارعة في إغتنام أعمال الخيرات، فمدينة الفاشر لايزال أهلها يستغيثون ما يتطلب الاستجابة بالإعانة والمدد، وإقامة الصوات والأدعية أن يفك الله حصارهم.
الفاشر/السبت/6/9/2025
Muhammed14209@gmail.com