أن خطوة الميليشيا في تشكيل حكومة، أدت إلي تقليص الخيارات أمام القوات المسلحة، و القوى السياسية الأخرى المؤيدة لها، باعتبار تشكيل حكومة تحدي صارخ للسيادة الوطنية، و هي القضية التي لا تقبل أية خيارات غير إزالة هذا التحدي تماما، و الخيار الذي فرضته الميليشيا هو مواصلة الحرب دون الالتفات إلي أية شعارات أخرى.. و الميليشيا باعتبارها أداة لتنفيذ أجندة خارجية، يكون هذا خيار اصحاب الأجندة الخارجية و خاصة الأمارات..
أن تشكيل حكومة موازية يعني أن أصحاب الأجندة يريدون من هذه الحكومة أن تصبح هي الأداة لتي تدير الصراع السياسي.. هل هذا يعني اعترافا ضمنيا أن جناحها السياسي ” صمود” أصبح ليس له دورا في العملية السياسية؟ و هل الهدف من ذلك هو الاستغناء عن الخدمات التي كان يؤديها؟ رغم أن الجناح السياسي نفسه كان أداة تنفيذية فقط، ينفذ ما يملأ عليه، و لم يقدم طوال فترة تكوينه أطروحات سياسية خاصة به، كل المشاركات التي كانوا يقومون بها في الاجتماعات و الحوارات كانت ترتب من قبل أصحاب الأجندة في الخارج، و كان دورهم المشاركة فقط.. حدث في اجتماعات الإيقاد و اجتماعات مفوضية الاتحاد الإفريقي، و اجتماعات القاهرة و فرنسا و جنيف و شاتام هاوس في بريطانيا، و أجتماع دعم السودان في أديس أبابا الذي كان أثناء اجتماع الاتحاد الأفريقي.. و في جتماعات مجلس حقوق الإنسان، إلي جانب كتبة البيانات إلي المنظمات و الأمم المتحدة.. كلها ترتيب من الأمارات لمحاصرة السلطة في السودان المعترف بها من قبل الأمم المتحدة و الدول…
أن الخيار الأوحد الذي فرضته الميليشيا بتكوينها لحكومة موازية، هو الذي بموجبه سوف تنتهي الحرب في البلاد.. هزيمة أحدهم على الأخر.. و أية شعارات أخرى يصبح الهدف منها هو تزيف للحقائق على الأرض.. و لذلك يصبح السؤال هل ” صمود” تستطيع أن تقدم أطروحات خاصة بها و تتحول من “أداة تنفيذ” يوظفها أصاب الأجندات الخارجية إلي ” Think Tank” تستطيع أن تقدم أطروحتها السياسية للشارع السوداني بعيدا عن الوصاية الخارجية..؟ التجربة السياسية منذ تكوين الحكومة الأولى لعبد الله حمدوك لم تظهر قدرات تستطيع أن تقدم مشروعا سياسيا يطرح للحوار الوطني.. كل الذي كان يجري هو صراع على البقاء في السلطة بعيدا عن أية مشروع يحاسبون عليه..
أن الميليشيا بإقدامها على تشكيل الحكومة، تكون قد فرضت على نفسها حصارا سياسيا يمنعها من المناورة و التكتيك.. و إذا كانت الحكومة قد حكمت على نفسها ببرامج، لابد من أعتراف المجتمع الدولي بها، حتى تستطيع أن تضايق السلطة في السودان، و هذا هو المأزق الذي دخلته الأمارات.. تقليص الخيارات، و أيضا تقليص ألأدوات التي كانت تعتمد عليها في تنفيذ أجندتها.. فالأمارات فعلت ذلك بهدف أن تضغط على الجيش لقبول التفاوض، و لكنها قد غفلت أن الطريق الذي اختارته طريق اتجاه واحد. و الرجوع منه يعد هزيمة سياسية لها.. و ربما تكون قد أختارت هذا الخيار لكي تمهد طريق انسحابها، بالقول أنها قد سهامت مع الميليشيا حتى شكلت حكومتها الخاصة، و تركتها في هذا الطريق تغامر لوحدها.. كل الخيارات تؤكد أن مشروعها قد هزم تماما، لم تبق إلا القفلة.. نسأل الله حسن البصيرة..