الإثنين, أغسطس 11, 2025
الرئيسيةسياسةبيان البراء بن مالك.. لغة المجاهدين الصابرين وأدب القادة الثابتين

بيان البراء بن مالك.. لغة المجاهدين الصابرين وأدب القادة الثابتين


✒️ مسارب الضي | د. محمد تبيدي

حين يخرج البيان من قلبٍ رابط الجأش، ولسانٍ عفٍّ عن الفحش، وعقلٍ يزن الكلمة بميزان الذهب، ندرك أننا أمام خطابٍ لا يكتبه إلا الصابرون الموقنون، الذين تمرسوا على الثبات كما تمرس السيف على مضارب الأعداء.

بيان قيادة قوة البراء بن مالك الأخير، الذي حمل توقيع الناطق الرسمي عمار عبد الوهاب، جاء بلغة المجاهدين الصابرين، القانتين لربهم، المتمسكين بأدب الحديث ورفعة الذوق في أحرج اللحظات. لم يكن صراخاً ولا شتيمةً ولا تهويلاً، بل خطابُ قائدٍ يعرف متى يتكلم ومتى يصمت، ومتى يختار الكلمة التي تحفظ للبلاد وقارها، وتُشعر الشعب بأن رايات العزة لا تزال ترفرف.

لقد ظللنا نستمع طوال الأيام الماضية لـ”كهنة” التحليلات، هنا وهناك، كلٌّ يروي روايته، ويضخم شكوكه، حتى جاءنا الخبر الأكيد من الأخ عمار عبد الوهاب، ذي الصبر الذي يذكّرنا بثبات عمار بن ياسر تحت سياط التعذيب وهو يهمس: “صبرٌ جميل، والله المستعان”.

وفي وسط البيان، جاء استحضار الآية الكريمة في سورة محمد:

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾

لتكون ميزاناً ومعياراً، تؤكد أن طريق الجندية في جيش الكرامة محفوف بالابتلاءات، وأن النصر لا يُهدى لمن لم يُختبر في عزيمته.

وعلى حد قولي:
يا فارسَ البراءِ أيا مُضيءَ دروبِنا
ثبتّ الجنانَ إذا تجلّى البأسُ والرهَبُ
لم تنحنِ الرأسُ إلا لله خالقِنا
والسيفُ في كفِّك الميمونِ ينتصِبُ
أنتَ المصابِرُ في البأساءِ مبتسماً
والحزمُ في خُطَطِ التحريرِ يكتَسِبُ
تبقى لنا رمزَ عزٍّ في الملاحمِ
مادامتْ جموعُ الهُدى للحقِّ تنتسِبُ

إن هذا البيان لم يكن مجرد توضيح رسمي، بل كان رسالة طمأنة وحكمة، تُظهر أن قيادة البراء بن مالك تتحرك بعقلٍ وقلب، تحفظ الكرامة وتعرف قدر العلاقات، دون أن تتنازل عن حق أو تفرّط في هيبة.

وأنا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات