الأربعاء, يوليو 30, 2025
الرئيسيةمقالاتلا عفو لمن لا يعرفون العفو.. بقلم د.إسماعيل الحكيم..

لا عفو لمن لا يعرفون العفو.. بقلم د.إسماعيل الحكيم..


إستهجان ورفض واسع لحديث حاكم إقليم دارفور مناوي عن عزمه العفو عن الدعم السريع .. ففي خضم ما يعيشه السودان من محنٍ متواصلة بسبب الحرب المفروضة عليه، خرج تصريح من السيد مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، يدعو فيه إلى العفو عن المليشيا المتمردة المسماة بالدعم السريع. وهو تصريح أثار استغراباً واسعاً، بل وصادماً لكل من اكتوى بنار هذه الحرب وذاق مرارتها.
إن الحديث عن العفو في هذا التوقيت، وفي ظل ما ارتكبته تلك المليشيا من جرائم موثقة بحق المدنيين، يطرح أسئلة مشروعة حول جدوى مثل هذه الدعوات، وحول الدوافع الكامنة وراءها. فالمعاناة التي عاشها أهلنا في الفاشر، على سبيل المثال، لا تزال شاخصة في الأذهان حصار خانق، وتجويع متعمد، حتى اضطر الناس إلى أكل ما تأكله بهائمهم . فكيف يمكن القفز على هذه المآسي والدعوة إلى التسامح وكأن شيئاً لم يكن؟
لقد شهد العالم، لا السودان وحده، ما ارتكبته المليشيا المتمردة من قتل وتشريد وهتك للأعراض ونهب للممتلكات وترويع للآمنين. وهذه ليست جرائم عابرة، بل جرائم تترك جراحاً غائرة في جسد الوطن، ولا يمكن تجاوزها بشعارات فضفاضة أو دعوات غير مدروسة.
إن الشعب السوداني قال كلمته بوضوح: لا تفاوض، ولا سلام، ولا بقاء لأي جنجويدي بيننا. فالكلمة اليوم للشعب، الذي قدّم أغلى ما يملك في سبيل الحرية والكرامة، ولن يسمح أن تُختزل تضحياته في صفقات سياسية أو تنازلات مريبة.
إن العفو قيمة عظيمة، لكنه لا يُمنح لمن جعل من القتل والتدمير والتجويع وسيلة لفرض الأمر الواقع. لذلك، فإن أي دعوة إلى العفو قبل تحقيق العدالة ومحاسبة الجناة ليست سوى التفافٍ على حقوق الضحايا، وتفريطٍ في دماء الأبرياء. لن نعفو عن الدعم
السريع ولو تعلق أفراده بأستار الكعبة ..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات