السبت, يوليو 26, 2025
الرئيسيةمقالاتضبط المال العام.. خطوة استراتيجية لبناء الدولة وتعزيز صمودها .. ...

ضبط المال العام.. خطوة استراتيجية لبناء الدولة وتعزيز صمودها .. بقلم د.إسماعيل الحكيم..


أكدت وزارة المالية عزمها الجاد على ضبط المال العام، فهي خطوةٍ تعكس إدراكًا عميقًا لضرورة حماية موارد الدولة وتحصينها من العبث والفساد، لا سيما في هذا الظرف الوطني الحرج الذي تمر به البلاد.
إن المال العام هو شريان الحياة للمواطن، وعمود نهضة الدولة وبناء مؤسساتها، وسلاح استراتيجي في زمن الحرب والسلم معًا. فلم يكن يوماً أرقام في سجلات المحاسبة. وضبطه لا يعني فقط إيقاف النزيف المالي، بل هو أيضاً إعادة الاعتبار للعدالة الاقتصادية، وتحقيق الكفاءة في إدارة الموارد، وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطن.
ومعلوم في ظل الحرب تتضاعف الحاجة إلى موارد حقيقية ونزيهة ، فخزينة الدولة وصندوق الإيرادات القومي يمثلان العمود الفقري لتمويل المشروعات القومية ودعم الجيش وتوفير الخدمات الأساسية والاستجابة السريعة للأزمات الإنسانية والاقتصادية. وبالتالي فإن أي تهاون في ضبط المال العام يعد خيانة مباشرة لمصالح الشعب، وتأخير متعمد في مسار النصر والبناء.
إننا بحاجة إلى وزارة مالية قوية تمتلك الإرادة والأدوات الرادعة وتُحكم قبضتها على كل منافذ الصرف والتحصيل وتفرض الشفافية والمساءلة وتعمل على إغلاق الثغرات التي يتسلل منها الفساد والمفسدون. كما أن فرض العقوبات الحازمة على المتلاعبين بالمال العام يجب أن يكون أولوية قصوى لزجر كل من تسوّل له نفسه نهب مقدرات الدولة في لحظة تحتاج فيها البلاد إلى كل قرش.
ضبط المال العام اليوم واجب وطني يلامس جوهر البقاء والصمود. وهو ما يفرض على وزارة المالية أن ترتقي إلى مستوى التحدي، وأن تضع خطة تنفيذية عاجلة ومتكاملة تشمل تعزيز أنظمة الرقابة الداخلية ورقمنة العمليات المالية و تحديث التشريعات، وتفعيل آليات المحاسبة والمساءلة بالتنسيق مع الجهات العدلية والرقابية.


إن معركة المال لا تقل أهمية عن معركة السلاح، بل إنها جبهة لا تُنتصر فيها الأوطان إلا بالإدارة الرشيدة والضمير الحي، وبحزم الدولة في مواجهة الفساد دون تردد أو مجاملة. فالمال العام أمانة.. وصيانته مسؤولية.. والتفريط فيه خيانة للأمة في زمنٍ تحتاج فيه إلى كل جهدٍ مخلصٍ وصادق.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات