.
.
بعيد اندلاع التمرد قبل أكثر من عامين واستشعارا للمخاطر المحدقة بالوطن أعلن الفريق أول البرهان التعبئة العامة وهو ماغير في موازين القوة ورجح كفة القوات المسلحة التي نجحت في دحر المليشيا وتحرير الأرض من سنار إلى الخرطوم وملاحقتهم في كردفان ودارفور. ومؤخراً وبعيد توغل قوات معادية في منطقة المثلث أعلنت الولاية الشمالية حالة التعبئة العامة كون الخطر الذي يتهدد الولاية بات قريباً ويهدف الإعلان لرفع درجة الجاهزية تصديا لأي عدوان.
معلوم أن هذا الإعلان يجيء في ظل حالة الطوارئ المعلنة والمعمول بها كما في حظر التجوال ويهدف لرفع درجة الاستعداد إن على صعيد الدولة أو المجتمع.فعلى مستوى الدولة يتحول الحهاز التنفيذي إلي وضعية أقرب إلى حكومة حرب تضع الملف الأمني في سلم أولوياتها.أما بالنسبة للمجتمع فيهدف لرفع الحس الأمني وتعظيم جهود الإسناد العسكري والمدني.
الحكومة وعلى كل مستوياتها مطلوب منها وضع خطة أمنية محكمة تحدد الثغرات ومناطق الهشاشة الأمنية والمهددات الداخلية والمطلوبات اللازمة لإنزال الخطة واعتمادها كبرنامج تشتغل عليه الأجهزة والسلطات كل فيما يليه.آخذين في الاعتبار أنها حرب غير تقليدية وتتخذ مسارات إعلامية وأبعادا اقتصادية واجتماعية كالتهريب والتزوير وشبكات الجريمة المنظمة التي تنشط في مجالات المخدرات والتسول والدعارة وترويع الآمنين.
إن إعلان التعبئة العامة يضع المجتمع بكل فئاته وتنظيماته أمام تحد كبير يستدعي تنويرا وإحاطة وتعبئة واستنفارا سدا للثغرات التي ينفذ من خلالها العدو كالخلايا النائمة ولنا أن نرجع البصر كرتين ونعتبر مما حدث في الولايات والمناطق التي دنسها المتمردون من الخرطوم مروراً بالجزيرة ووصولاً إلى سنار وغرب كردفان وشرق وغرب وجنوبي دارفور.
إن طبيعة الحرب وإفرازاتها تجعل إعلان التعبئة العامة بداية لجهد وجهاد لايتوقف بالضرورة عند حالة الحرب بل يتعداها إلى إعادة بناء الدولة وتقوية مؤسساتها واقتصادها ومواردها المادية والبشرية تحصينا لها ولضمان استقرارها طوال الفترة الانتقالية اي مابعد الحرب معالجة لإفرازاتها كإطلاق برامج لرتق النسيج الاجتماعي بعدما أفسدت المليشيا العلاقات بين القبائل مهددة السلم المجتمعي، بل سعت لتغيير التركيبة الديمغرافية في كثير من المناطق.
استكمالاً للتعبئة لابد للدولة من فرض هيبتها وتوحيد إدارة السلاح والقضاء على مظاهر التفلت وإمضاء العدالة الناجزة لتطال كل من أجرم في حق الوطن والمواطن.كما أن إعلان التعبئة بالضرورة لا بد وأن ينعكس في أداء الجهاز التنفيذي تجويدا واتقانا للعمل وإنجازا للمهام فالتحدي المدني من بسط الأمن وتوفير وترقية الخدمات وإنفاذ مشاريع العودة الطوعية لاتقل أهمية عن المجهود الحربي في استقرار الوطن وتعافيه.