الأربعاء, يوليو 2, 2025
الرئيسيةمقالاتحينَ تنطِقُ الأرضُ.. تُجيبُ العدلُ والمساواةُ السُّودانيَّة. ...

حينَ تنطِقُ الأرضُ.. تُجيبُ العدلُ والمساواةُ السُّودانيَّة. مبادرةٌ إنسانيَّة لإجلاءِ المُنقّبينَ من المثلَّثِ الحدودي، بالتَّنسيقِ مع القوَّاتِ المُسلّحةِ، والأمنِ، والجيشِ المصري، وأبناءِ الجبالِ البحريَّة. بقلم: عبير نبيل محمد

ليس غريبًا على حركةٍ وُلدت من رحمِ المأساة، أن تحملَ على عاتقِها ما تنوءُ به مؤسَّساتٌ بكاملِ عدّتِها وعديدِها.
ففي المثلَّثِ الحدودي، حيثُ تقاطعت رمالُ الخطرِ بدموعِ العالقين،
وحيثُ تقفُ الميليشياتُ بالمرصاد، اختارت حركةُ العدلِ والمساواةِ السُّودانيَّة – قطاع الجبال البحريَّة – ألّا تنتظرَ لحظةَ التَّصفيق، بل أن تصنعَ الفعلَ وتعودَ صامتة.

أطلقت الحركةُ مبادرةً إنسانيَّةً كُبرى لإجلاءِ أكثرَ من (1800) مُنقِّبٍ أهلي، بعد أن تقطَّعت بهم السُّبلُ في أرضٍ لا أمانَ فيها، ولا طريقَ سالكٍ إلّا إلى الموت.

وهنا، لا يُمكنُ تجاهلُ أنَّ هذه المبادرة، رغمَ أنَّها انبثقت من موقفٍ وطنيٍّ خالصٍ تبنَّته الحركةُ بدعمٍ من أبناءِ قبائلِ الجبالِ البحريَّة،
إلّا أنَّها لم تكن مجرَّدةً من التَّنسيقِ الكاملِ مع أجهزةِ الدولةِ، بل تمَّت بدعمٍ فعليٍّ ومباشرٍ من:

القوّاتِ المُسلّحةِ السُّودانيَّة

الاستخباراتِ العسكريَّة

جهازِ الأمنِ والمخابراتِ السُّوداني

الجيشِ المصري

اللِّجانِ الأمنيَّة في ولايتَي نهرِ النِّيل والشماليَّة

وهذا ما يجعلُها مبادرةً وطنيَّةً مشتركة، لا تعرفُ الانتماءَ إلّا إلى الإنسان، ولا تبحثُ عن مكاسب، بل عن حياةٍ تُعادُ لأهلِها.


مِن قلبِ الجبالِ… خُطَّتِ الحكاية

**ما بينَ جُرحِ الحقولِ وجوعِ السِّنينْ
تقفُ العدلُ لا تنثني، لا تَلينْ
تُعيدُ لوجهِ الوطنِ ملامحَهُ
وتحمي البعيدَ.. وتُرعبُ مَن يَقتربُ مِن الطِّينْ

أبناءُ الجبالِ البحريَّة لم يُقاتلوا اليومَ بسلاحِهم فقط،
بل بما تبقّى من نخوةٍ في زمنٍ جفَّ فيه الحياءُ السياسي، وسادتْ فيه حملاتُ تشويهٍ مدفوعةُ الأجر.

لم تكن تلك القافلةُ مجرّدَ سيّاراتٍ تحملُ الناجين،
بل صرخةً مكتومةً خرجت من صدرِ السُّودانِ الجريح، تقولُ لكلِّ من شكَّك وسهَّلَ طريقَ الفتنة:

“نحن لا نتكلَّمُ عن الوطن… نحن نحملُهُ على أكتافِنا، حين تتخلَّى عنكم الحناجرُ والمناصبُ.”


وطنٌ لا يُترَكُ في العراء

من أراد أن يعرفَ حقيقةَ “العدلِ والمساواة”،
فلينظر لا إلى منابرِ الأخبار، بل إلى أقدامِ أولئك الجنودِ الذين مشَوا مع الناجينَ حتى مناطقِ الأمان،
إلى تلك الأمِّ التي رفعت أكفَّ الدعاءِ باسمِ قبائلِ الجبالِ البحريَّة،
وإلى العينِ التي دمعَت وهي ترى الجيشَ والمخابراتِ يحملون أبناءَ السُّودانِ من الموتِ إلى الحياة.

نعم، كانت الحركةُ صاحبةَ المبادرة،
لكنَّ الدولةَ كانت حاضرةً بأذرعِها السياديَّة: الجيش، والمخابرات، والاستخبارات، والأمن، واللِّجانُ المشتركة.

وكان أبناءُ الشَّعب، من الجبالِ البحريَّة تحديدًا،
هُم من أعادوا تعريفَ الوطنيَّة.


**لنا سيفُ حقٍّ وللنّاسِ ظلُّ
إذا خافَ منهم رفيقٌ تَجلُّوا
ومِنَّا القوافلُ لا تستريحُ
تُعيدُ الحياةَ لِمَن قد تخلّوا


في زمنٍ تتناسلُ فيه الأكاذيب،
وتُشوَّهُ فيه الحقائق،
هذه المبادرةُ وحدها كافيةٌ لتُسكتَ كلَّ مَن تطاول،
وتكشفَ من خانَ الرِّسالة،
وتُعيدَ للناسِ الثقةَ في أنَّ الوطنَ بخيرٍ
ما دامَ هناكَ من يُجلي الخطرَ دون أن يطلُبَ ثمنًا.


ما حدثَ في المثلثِ الحدودي،
لم يكن عمليَّةً عاديَّة، بل كان امتحانًا لجوهرِ مَن صدقوا،
وكشفًا لوجوهِ مَن ادَّعَوا.

ولأنَّنا لا نُحسنُ الوقوفَ في الظِّلال… نكتبُ هذا ليبقى:


سلامٌ وأمانٌ، فالعدلُ ميزانٌ


✍️ توقيعٌ لا يُنسى

أنا الرِّسالةُ حينَ يضيعُ البريد،
أنا التي لم تنحنِ رغمَ الرماد،
أكتبُ للذينَ انتظروا الوطنَ طويلًا،
وأُؤرِّخُ للذينَ ماتوا وقوفًا…
امرأةٌ من حبرِ النّار.

✍️ بقلم: عبير نبيل محمد

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات