السبت, أغسطس 2, 2025
الرئيسيةمقالاتالعدالة العرجاء..البكماء عما تفعله مليشيا آل دقلو البربرية بقلم د.إسماعيل الحكيم..

العدالة العرجاء..البكماء عما تفعله مليشيا آل دقلو البربرية بقلم د.إسماعيل الحكيم..


تناقلت وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو صادم لا يتجاوز بضع ثوانٍ، لكنه يختزل قرونًا من الوحشية، وأطنانًا من الانحدار الأخلاقي.ففي مشهدٍ يخلع القلب من مكانه، ويزلزل الفطرة السليمة ويهتز له الضمير السوي ، إذ يظهر في المقطع مواطنٌ أعزل، بريء، لا يحمل سلاحًا، ولا حتى مظلة تقيه مطر الشر، بينما تندفع نحوه سيارة تتبع مليشيا الدعم السريع، فتدهسه عمدًا تحت عجلاتها وهو من تحتها..يئن ويشكو الي الله ما يجد ، فلم تتركه يموت فيرتاح ولا يحيا لينجو . وما يزيد الجريمة بشاعة أن المعتدي يتلذذ بصرخات الضحية، ويتغذى على ألمه، ويستطرب بأناته. وكأنه أمام كائن مسخ لا يمتّ إلى الإنسانية بصلة.
وما يدمي القلب أكثر، أن هذا الجُرم الشنيع وقع في أعظم الأيام عند الله العشر الأول من ذي الحجة ..التي حرّم فيها النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه الدماء والأعراض والأموال فهي أيامٍ تتنزل فيها الرحمة ، وتتعاظم فيها الحسنات، وتُرفع فيها المظالم إلى السماء… لكن هذه المليشيا اختارت أن ترفع رأسها لا إلى السماء، بل إلى دركٍ سحيق من الانحطاط، وأن تدوس على إنسانية الإنسان، وعلى حرمة الزمان والمكان.
الغريب – بل المخزي – أن هذا الفعل لم يتم في الخفاء بل جهرًا، وتحت سمع وبصر الكاميرات، وعلى مرأى من العالم بأسره. ومع ذلك فإن ما يسمى بمؤسسات العدالة الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان التي تتغنّى بالعدالة والكرامة، وقفت صامتة كالأصنام، لا ترى لا تسمع لا تنطق كأن الدم السوداني لا يساوي شيئًا في ميزانهم، وكأن صرخات هذا المسكين لا تندرج ضمن معايير “حقوق الإنسان” كما يفهمونها.
لكن الله – عز وجل – لا يغفل ولا ينام ويمهل ولا يهمل . لقد سمع صرخة هذا المظلوم حين لم يسمعه أحد ، وارتفعت آهاته في ملكوت العرش، حين صُكّت الآذان عن استقباله على الأرض. وإذا كانت امرأة دخلت النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تتركها لتأكل من خشاش الأرض ، فكيف سيكون العقاب لمن ازهق روحًا بشرية، وتلذّذ بموتها، في أبشع صورة لانعدام الضمير؟
هذه جريمة الدهر ، إنها جريمة مركّبة ..فهي
جريمة ضد النفس.
وجريمة ضد الزمان والمكان.
وجريمة ضد القيم الإنسانية جمعاء.
وجريمة ضد الضمير العالمي الذي أثبت مرةً أخرى أنه أعور وابكم وأصم عن ما تفعله مليشيا آل دقلو، إن لم نقل أعمى بالكامل.
نعم، صحيح أن العالم كلّه أعرض عن أنين هذا المواطن، ولكن التاريخ لا ينسى، والعدالة الربانية لا تسقط بالتقادم. ولذلك فإننا نوجه دعوة عاجلة لكل قلم شريف وحر ، لكل قانوني غيور بل لكل من لا تزال في قلبه ذرة من إنسانية. أن يصدع بالحق ويجهر بالإنصاف ، ويكتب ويوثّق، ويُسمع العالم صوت المظلوم.
لا نطلب أكثر من العدالة. ولا نرضى بأقل من المحاسبة الكاملة. فهذه المليشيا البربرية المتوحشة لن نجعلها تفلت من العقاب، ولو بعد حين. لأن بقاءها دون حساب هو تهديد لكل ما تبقّى من إنسانية في هذا العالم.
لقد آن الأوان لأن نصرخ بأعلى الصوت وننادي
“كفى صمتًا، كفى تواطؤًا، كفى ظلمًا” فرب دعوة لمظلوم رفعت قصرًا، وهدمت مصراً وأنهت طغيانًا. Elhakeem.1973@gmail.com

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات