الأربعاء, أغسطس 6, 2025
الرئيسيةمنوعاتعائشة وصباح الطاهر إبتسام حفيظي...

عائشة وصباح الطاهر إبتسام حفيظي / الجزائر.

“عائشة وصباح الطاهر”

كان الصباح لا يبدأ إلا بتحيةٍ عطرة،
صوتٌ رجوليٌّ دافئ يقول:
“صباح الخير يا خالتي عائشة،
الله يطوّل في عمرك ويزيدك نوراً.”
فترد بابتسامتها التي تبارك الهواء:
“الله يرضى عليك يا ولدي،
ويفرحك كما فرّحت قلبي بسلامك.”

في كل صباح،
يمرّ الطاهر من أمام دارها
كأن الشمس لا تُشرق إلا بعد رؤيتها،
وهي… تنثر عليه دعواتها كزهر الياسمين،
تُغدق عليه من بركتها كما يغدق المطر على الزرع،
ويغادر وهو يبتسم،
كأنما الحياة تنحني له شكرًا لأنه مرّ بها.

وجهها كان له من الملائكة شيء،
وكان لصباحه نكهة خاصة…
تلك النكهة التي تشبه فطور جدّةٍ تحبك،
أو قهوة تُسكب من يدٍ لا تخون.

لكن ذات صباح…
مرّ الصبح ولم يمرّ الطاهر،
غاب صوته…
وغابت معه نغمة من لحن الحياة.

قالوا:
“رحل عمي الطاهر، خطفه القدر بهدوء.”
فبكت عائشة،
بكت كما تبكي الأرض سحابةً أحبّتها،
كما يبكي الدعاء من يفوته من كان سببًا في انهماره.

ذلك الصباح…
لم يكن صباحًا،
بل صفحة رمادية في دفتر العمر،
فقد لونه الربيعي،
وارتدى لون الحداد.

كل شيء صار كئيبًا،
العتبة التي كان يقف عندها،
الكرسي الذي يُطل من شرفته،
والدعوات التي ما عادت تُقال بصوتٍ مرتفع،
بل تُقال همسًا، ودمعًا، وذكرى.

عائشة…
ما زالت تُحضر له دعاءً خاصًا،
كأنها تعلم أن الأرواح تمرّ كل صباح،
وأن الطاهر ما زال يسمعها،
من وراء الغياب.
إبتسام حفيظي /الجزائر.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات