السبت, يوليو 5, 2025
الرئيسيةمقالاتالصالحة… حين تبكي الأرض فرحًا بالعودة ...

الصالحة… حين تبكي الأرض فرحًا بالعودة بقلم: عبدالقادر عمر محمد عبدالرحمن

الصالحة… يا حبيبة القلب وملاذ الروح، يا أرضًا مشت عليها خطوات أطفالي، واحتضنت أحلامي بين زقاقاتها ومساجدها ومقاعد ظلها، ها أنا أعود إليك، لا جسدًا فقط بل قلبًا وروحًا تبكي من فرط الشوق والانتصار.

عامان من الغياب، لا يشبههما غياب. عامان من الفقد، لا يُقاسان بوحدة أو تشريد. تركنا خلفنا البيوت والمآذن والطرقات، لكننا لم نتركك من قلوبنا لحظة واحدة. كنا نذكرك في كل دعاء، ونرسمك في خيالنا حين تشتد علينا ظلمة التهجير.

فيك بيتنا الذي تنفّس الأمان، ومسجد الصحابة الذي تنزّل فيه السكون، وآخر محطة هجيليجة التي ودّعنا عندها الأحباب، و”جادين” التي فيها ضحكنا وضحك أطفالنا، و”الودي” التي كانت تهمس لنا كل صباح: اصبروا، فإن النصر قادم.

واليوم… تحررت الصالحة.
اليوم عادت الأرض، وعاد الأذان، وعادت ضحكة الأطفال تسبق خطوات الجنود في الأزقة. اليوم، حين وطئت أقدام الأبطال ثراك الطاهر، سمعتُ في قلبي صوت أمي تدعو: يا رب رجعنا سالمين… وها قد استُجيبت الدعوات.

يا صالحة…
كم بكينا حين فُرِض علينا الرحيل، وكم بكيتِ حين دخلتكِ أقدام الغزاة، واليوم، تبكين فرحًا كمن عادت إليها أمها بعد فُطام قاسٍ.

هذه العودة ليست مجرد خبر، إنها وعد صادق تحقق.
وعد من جيشٍ لا يخون، من أبطال لا ينسون، من وطنٍ لم يمت، ومن قلوبٍ لم تتلوث بالخيانة.

اليوم، نغرس العلم فوق كل بيت، ونغني للأرض التي صبرت، ونواسي جدران البيوت التي تآكلت من الوحدة: ها نحن عدنا، لن نغادرك بعد اليوم.

رسالة للغائبين عن أوطانهم قسرًا:
لا تفقدوا الأمل، فما حدث في الصالحة سيحدث في كل حارة وحيّ وقرية، ما دام في هذا الوطن قلوب تنبض بالكرامة، وأيادٍ تقبض على الزناد بوعيٍ ووطنية.

سنعود يا “أم درمان”… كاملةً، وسنروي لأبنائنا حكايات المجد لا الخذلان.

وما ضاقت أرضٌ بأهلها… إلا ليأتي بعدها فجر التحرير.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات