الإثنين, يونيو 9, 2025
الرئيسيةمقالاتجدلية الفكرة... بين العطا والدقير ...

جدلية الفكرة… بين العطا والدقير بقلم / زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن اللقاء الذي أجرته صحيفة “الكرامة” مع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة، حول مستقبل العملية السياسة في السودان.. و اللقاء الذي أجراه أحمد طه لقناة ” الجزيرة مباشر” مع المهندس عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني و تحدث فيه عن رؤيته للعملية السياسية في السودان.. تعتبر الرؤيتان مختلفتان تماما.. لآن كل رؤية تنطلق من مقاعدة مفاهيمية تختلف عن الأخرى..

أن اللقاءين قد تناولا موضوعات عديدة، و أن المقال سوف يحصر قضية “جدل الفكرة” في قضيتين تشكلان محور الجدل.. أن الفريق أول ياسر شدد القول أن السلطة الحاكم لن تجري أي عملية حوار سياسي، و أشاد بالدور البطولي الذي تقوم به المقاومة الشعبية في التصدي للميليشيا.. في الوقت الذي نجد فيه أن المهندس عمر الدقير يبني إستراتيجيته على مفاوضات تجمع رئيس مجلس السيادة مع قائد الميليشيا، باعتبار أن المفاوضات هي التي سوف تعيد “المسرح السياسي القديم” الذي كان قبل الحرب 15 إبريل 2023م.. و هنا الخلاف بين الرؤيتين.. و عمر الدقير لا يعتقد أن أغلبية الشعب تقف مع الجيش، و يستدل بذلك؛ بأنه لم تجرى انتخابات لتثبت أن الأغلبية تقف مع الجيش.. و يعتقد أن هناك أغلبية صامته هي التي تمثل أغلبية الشعب. السؤال لماذا لم يتوجه لها حزب الدقير أو التحالف الذي هو عضو فيه؟

أن حديث العطا بالقول “لا توجد مفاوضات سرية وقرار الدولة القضاء على الميليشيا” أن ياسر يؤكد هنا قول القائد البرهان الذي يتلخص في وقف إطلاق النار في خيارين هزيمة الميليشيا أو قبولها أن “تجمع قواتها في مراكز و يجمع منها السلاح” و في كلا الحالتين سوف يؤدي إلي تغيير كامل في ” المسرح السياسي” عدم الرجوع لفترة ما قبل الحرب.. و هذا ما اشار إليه الفريق إبراهيم جابر في القمة العربية ” أن وقف إطلاق النار يعني انسحاب الميليشيا من كل المناطق التي تتواجد فيها و من محيط الفاشر و تتجمع في معسكرات” و بعد ذلك تشكيل حكومة توكنقراط تحضر لإنتخابات عامة في البلاد.. بذلك يكون المكون العسكري متفق على ترتيب العملية السياسية بعد الحرب..

أن الفريق أول ياسر العطا في اللقاء الصحفي، نجده قد رجع لفكرته القديمة، و يعتقد أن المقاومة الشعبية يجب أن تلعب دورا في مستقبل العملية السياسية في البلاد، يؤهلها على ذلك الدور الذي قدمته في الحرب.. و درج العطا يتطرق إليها كلما جاء الحديث عن مستقبل العملية السياسية في البلاد.. و الآن المقاومة الشعبية في الولايات التي طردت منها الميليشيا بدأت تشكل مجالس للخدمات في الأحياء و مجالس أخرى حسب الحوجة إليها.. و هذه تعد من أهم إفرازات الحرب، أن الذين حملوا السلاح دفاعا عن مناطقهم و الوطن، هؤلاء وجدوا أنفسهم يتحملون مسؤوليات خدمية و إدارية.. و يقوموا بتجميع أموال من آهلهم و مواطنين مناطقهم في الخارج لشراء معدات الطاقة الشمسية لتشغيل محطات المياه و تقديم الطاقة للمناط الصحية و غيرها.. و هذه المثابرة هي التي تفرز القيادات في مناطقها..

أن عمر الدقير عندما يحاول إقناع نفسه، أن هناك قوى صامته هي التي تشكل الأغلبية سوف يجعل نفسه أمام تحديات لا يستطيع التغلب عليها، و لا يستطيع حتى البناء عليها، إذا كانت هناك أغلبية صامته حسب قول الدقير، أين تقف هذه الأغلبية الصامته من الحرب و الصراع السياسي؟ الدقير لا يستطيع أن يجاوب على السؤال؟ لآن – إذا كانت هناك بالفعل أغلبية صامته يمكن الرهان عليها.. لماذا حزب الدقير و كل تحالف ” تقدم المتحول…!” لم يتوجهوا إليها لتطفيف ميزان القوى بهذه الأغلبية و الدعوة الانتخابات.. و لماذا راهنوا جميعا على رافعة الخارج لكي ترجعهم للسلطة.. و أيضا راهنوا على الميليشيا في مرحلة أخرى و مايزالون، و وقعوا معها على ” إعلان أديس أبابا السياسي” و بعدها جاءت المناورة الأخيرة لتقسيم ” تقدم ” لمجموعتين الأولى تظل كما كانت و الأخرى تشكل حكومة.. و كل التقديرات السياسية ” لمجموعة ” تقدم … صمود” كانت خاطئة و لم توفق فيها.. و إذا كانوا اقتنعوا أن سبب وقوف الشعب مع الجيش له تأثيرا في استمرار الحرب.. لكنهم لا يقبلون هذه الفرضية ذلك يتحدث الدقير عن القوى الصامته حتى لا يسقط حلم أن يكون هنالك تفاوضا…

أن ياسر العطا لا يريد تفاوضا مع الميليشيا، و يريد مواصلة الحرب حتى هزيمتها.. و يعتقد هو الطريق الذي سوف يؤدي إلي التغيير بصورة شاملة في ” المسرح السياسي” بل ذهب ابعد من ذلك عندما قال عن من وصفهم بداعمي التمرد سيواجهون المساءلة القانونية، ولن يكونوا جزءاً من أي عملية حوار سياسي في المستقبل.. هذه الفرضية سوف تعقد عملية التفاوض التي تعتبرمسألة استراتيجية لمجموعة الأحزاب داخل تحالف ” تقدم …. صمود” و التي تبني أمالها على التفاوض… و كما عدد الدقير في اللقاء أحاديث المسؤولين في المنظمات الذين كانوا قد تحدثوا عن ضرورة الحل السلمي.. و متى انقطعت أحاديث المسؤولين عن الحل السلمي؟ حتى المنابر تعددت دون الوصول إلي نتيجة جديدة..

أن الإستراتيجية ألتي اعتمدت عليها أحزاب ” تقدم ..صمود” فترة زمنية استمرت أكثر من عامين قد فشلت، و عجزت القيادة أن تحدث فيها تغييرا.. و الفشل أقرت به الأحزاب في التحالف عندما قررت طواعية أن تعطي قيادة التحالف لعناصر مستقلة و تتراجع قيادات الأحزاب للوراء.. ثم أحدثت خليط و ظل الفشل مستمر.. لابد من البحث عن أسباب الفشل استخداما للمنهج النقدي، و ليس منهج التبرير لتعليق اسباب الفشل على شماعات.. و لابد من الاعتراف على حقائق الواقع حتى تقدم افتراضات واقعية، و ليس استخداما للخيال.. و الحقيقة التي لا تتقبلها أحزاب “تقدم ” و لا اليسار و اشباه اليسار.. أن الحرب سوف تفرز واقعا جديدا و قيادات جديدة.. و هي التي سوف تشكل مستقبل السودان القادم.. نسأل الله حسن البصيرة..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات