الخميس, مايو 22, 2025
الرئيسيةمقالاتهل أملك هاتفي، أم أن هاتفي يملكني؟ ...

هل أملك هاتفي، أم أن هاتفي يملكني؟ بقلم/ محمد فتح الرحمن بشير

نحن نغفو وهو بين أيدينا، ونصحو على صوته أو إشعاع شاشته. لا نبدأ يومنا بكوب قهوة أو بصلاة خاشعة، بل بتمرير الإصبع على شاشته الزرقاء الباهتة، نغوص فيها بحثًا عن جديد الأخبار، إشعارات الرسائل، أو حتى منشورات عابرة لا تضيف لنا شيئًا إلا شعورًا زائفًا بالحضور.
هل هذا استعباد العصر الرقمي …
لم يعد الاستعباد كما عرفته البشرية قيدًا في اليد أو صوت سوط ، بل أصبح ضوءًا في الجيب ، وهمسة إشعار، وأصبعًا لا يتوقف عن التمرير. نحن الآن في عصر الاستعباد الناعم، حيث الرقابة ذاتية، والانشغال إرادي، لكن التبعية كاملة. نُراقب أنفسنا من خلال هواتفنا ، ونُقوّم لحظاتنا عبر الكاميرا والوسائط.
الأخطر من ذلك، أن كثيرًا منا لا يشعرون بهذا “الاستعباد”، بل يرونه رفاهية. كيف لا والهاتف يمنحنا كل شيء .. التواصل، المعرفة، التسلية، وحتى وهم الإنجاز. لكن الحقيقة أن الهاتف لا يسرق وقتنا فقط، بل يسرق وعينا ، يشتت تركيزنا ، ويؤثر على علاقاتنا ونومنا ومزاجنا..
..فالتحرر هنا لا يعني الانفصال عن الهاتف، بل استعادة السيطرة عليه. أن نستخدمه باختيار، لا بتلقائية. أن نُحدد متى نلجأ إليه ولماذا، وأن نملك شجاعة الابتعاد عنه حين يجب.
الهاتف أداة ، لا سيد . هو وسيلة للتواصل ، وليس بديلاً عن الواقع . هو مساحة للمعرفة، لا قفصًا لفكرنا ومشاعرنا.
لابد من الاستقلال الرقمي…
فلنصنع لانفسنا أوقات بلا هاتف…
الهاتف يسرق حضورك مع من تحب.
السؤال “هل أملك هاتفي أم يملكني؟” ليس مجرد سؤال ، بل دعوة للتأمل وإعادة التوازن. فلنجعل التقنية تخدم إنسانيتنا ، لا أن تسلبها. الهاتف لا يستحق أن يكون بداية يومنا ونهايته. الحياة أغنى وأعمق، وأجمل من ان تكون شاشة..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات