بكتِ السماءُ لمّا بكيتُ…
إليكَ، يا ربّ السماءْ
بكتِ السماءُ، وزادَ ألمي
وبلغَ العناءْ
انكسرَ الفؤادُ
وطاحَ كلُّ الكبرياءْ
أشكو إليكَ
يا ربّ السماءْ
ارحمْ ذليلَ القلبِ
مكسورَ الرجاءْ
ضاقتْ بهِ أيّامُهُ
وأحلامُهُ دونَ ارتواءْ
من حنانٍ يُزيلُ الهمَّ
دونَ ارتخاءْ
إلى طريقِ الوَجدِ
والرّوحِ سواءْ
لكي يستكنَّ
من بكاءِ السماءْ
بكتِ السماءْ… فما ذنبي؟
فلِدَمعي موصولُ الرجاءْ
لم أستفقْ يومًا
على عندليبٍ غرَّدَ لي في هناءْ
أو وردةٍ جوريةٍ
زاهيةِ البهاءْ
أو ضحكةٍ فيها صفاءْ
فلِدَمعي أنشودتي
أُنشدُها ألمي
في كبدِ السماءْ
لِمَ لا تبكي السماءُ وقد بكيتُ
منذُ أن كنتُ علقةً داخلَ الفناءْ؟
رحماكَ، يا ربّي، رجاءْ
بكتِ السماءُ لما بكيتُ…
إليكَ، يا ربّ السماءْ
يكفيني من ألمِ الزمانْ
أن تُرسلَ عليَّ نسمةَ هواءْ
لكي تُشفي قلبًا
أرادَ أن يُرسلَ رجاءْ
أن يحظى سويعاتٍ
من عطفِ سخاءْ
لكي تشرقَ شموسُ شمسِك
وتصنعَ معزوفةً
على أنغامِ الصفاءْ
ليصطفي الفؤادُ
ويرحلَ كلُّ الكبرياءْ
رحماكَ، يا ربّي، رجاءْ
لا تدعْ سمائي
تَزرفُ الدمعَ هباءْ
بكتِ السماءُ لمّا بكيتُ…
إليك، يا ربّ السماءْ
اسقِني من نهرِ عشقِك
حتّى الارتواءْ
لكي يزولَ الحزنُ
زدْني هناءْ
فمالَ الدمعُ
إلى راحةٍ من وجعِ الرّثاءْ
فامحِهِ، يا سمائي
لا أُريدُ الكبرياءْ
واجعلني ذاكَ العندليب
الذي لم يرَ يومًا غناءْ
وأنشدي أنشودتي
واجعليها معزوفةَ الصفاءْ
زيّنيني، وجمّليني
بين نجومٍ عاليةِ العَلاءْ
واجعليها، يا سمائي
غايتي والارتقاءْ
كلّما انهمرتْ دموعُكِ، يا سماءْ
حينها يعلو الدعاءْ
بكتِ السماءُ لمّا شكوتُ…
إليك، يا ربّ السماءْ
فيا دموعي،
هل تفيضين وحدكِ؟
أم أن للسماءِ قلبًا
ينوحُ معكِ في الخفاء؟
رأيتُها تبكي بصمتٍ
كالأمّ التي خذلَها ابنُها في مساءْ
تشكو إلى السُّحُبِ حالَها
وترسلُ برقًا
كأنّهُ صوتُ دعاء
رأيتُها تغسلُ وجهي بندى حزنِها
وترتعشُ نجمةٌ في أعالي السماءْ
كأنّها لا تحتملُ وجعي
فتنوحُ من قلبٍ
أرهقهُ البكاء
تآخينا، أنا والسماء
هي تبكي فوقي
وأنا أبكي فيها
وفي حضنِنا… ينامُ الرجاء
فهذه مناجاتي، عبر دموع السماء…
أنا الدمعُ حين تضيقُ السُبل،
أنا الرجاءُ حين تصمتُ السماء،
امرأةٌ تُصلّي بالكلمات.
– بقلم: عبير نبيل محمد