الإثنين, يونيو 9, 2025
الرئيسيةمقالاتحرب السودان و طرح أسئلة المستقبل. ...

حرب السودان و طرح أسئلة المستقبل. بقلم/ زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن الحرب الدائرة الآن في السودان، و رغم حالة الدمار التي أصابت البنية التحتية للدولة، و قساوتها على المواطنين في نهب ممتلكاتهم و تشريدهم.. أيضا كشفت العديد من العوامل السالبة، في المجتمع، و مؤسسات الدولة، كشفت حالة الضعف في أجهزة الدولة، و استخدامها لمصالح شخصية أو قبلية و مناطقية، كشفت إستغلال ثروات البلاد لمنافع مجموعات أو بيوتات أو مؤسسات بعينها.. كشفت حالة الوهن و الضعف التي تمر بها الأحزاب السياسية، و تقديمها لعناصر لا ترى في ثورة الشباب إلا تعبيرا عن مصالحهم الخاصة، و رغائبهم في السلطة.. أن وهن الدولة و ضعف مؤسساتها، و سرقة الثروات و تهريبها لدول بعينها من أجل منافع خاصة، قد أكدت لبعض الدول أن هذه الثروات تخصها لوحدها، و ليس الشعب السوداني.. بل أن عمليات التهريب تحدث نهارا، و عبر مؤسسات الدولة، و بمساعدة المسؤولين في الدولة.. كل هذه الأشياء كانت سببا في الحرب..

أن استغلال السجل المدني و أجهزته لتقديم الجنسية السودانية لأعداد كبيرة من دول غرب أفريقيا، كانت تحدث تحت نظر و معاونة قيادات من مؤسسات الدولة، كان الذهب يهرب عبر الطائرات، و المطارات و المعابر للدول الأخرى، و تحت بصر و مساعدة قيادات في مؤسسات الدولة، كانت المخدرات أيضا تجلب عبر المعابر و الطائرات و كلها مسببات للحرب، أن الحرب لم تصنع لجدل سياسي أو أختلاف في الرؤى لعملية النهضة و الإصلاح.. أنما كانت مسبباتها هي المصالح الخاصة، و اطماع البعض في استغلال الثروات دون رقابة.. كان الصمغ العربي الذي ينتج السودان ما يقاربمن 85% من الإنتاج العالمي، يهرب إلي دول الجوار حتى أصبحت دول ليس فيها شجرة هشاب واحدة تصدر أكثر من 50% من إنتاج العالم.. و كل هذه تتم تحت بصر مؤسسات الدولة، و قيادات كبيرة في المعبر بين الدول.. هذه مسببات الحرب.. سببها هو فقر التربية الوطنية عند القيادات و رجال الأعمال..

أن الشباب الذين قادوا ثورة ديسمبر 2018م، تم إبعادهم عن المشاركة في عملية التغيير و البناء و التأسيس، و جاءت أحزاب تقليدية، و أحزاب أخرى مصنوعة عبر ورش و ندوات كانت تقيمها عددا من المنظمات الغربية و الأمريكية في كل من كمبالا و نيروبي منذ عام 2011م،.. و كانت وزارة المالية و بنك السودان بعيدين عن مراقبة الأموال المنهوبة.. و السودان يشتكي من الفقر و البحث عن معونات شرقا و غربا، بينما كانت ثروات البلاد تهرب و يضع ريعها في بنوك خارج البلاد، الأموال لا تعود للبلاد لكي تنعش الحركة الاقتصادية و النهضة الزراعية و الصناعة التحويلية.. و كل ذلك تحت نظر و مساعدة كبار موظفي الدولة..

أن ضعف الأحزاب و تواضع قدرات القيادات التي قدمتها، هي التي تسببت في الفشل، و العجز عن إدارة الأزمات و مواجهة التحديات.. فشلت الأحزاب متحالفة و حتى منفردة في تقديم مشاريع سياسية لعملية التغيير و النهضة، كان ممكن أن يلتف حولها الشعب السوداني و يدافع عنها.. لكنها للأسف أول ما خسرته هو الشعب، و الشباب الذين قادوا الثورة و قدموا فيها تضحياتهم الكبيرة.. كشفت الحرب أن السودان يتعرض إلي مؤامرة دولية دون أن يكون له أصدقاء يدافعون عنه إلا قلة.. حتى المنظمات الإقليمية التي ينتمي إليها وقفت تتفرج و بعضها يشارك في المؤامرة، و أغلبية دول الجوار تشارك بقوة في المؤامرة.. كشفت الحرب أن التربية الوطنية في البلاد ضعيفة عند البعض، و البعض الأخر رمى بها وراء ظهره، و أصبح البعض من النخب السودانية معروض في سوق النخاسة الدولية، و كل دولة تدفع تجد لها من يقبل أن يوظف نفسه لأجندتها..

من هنا يجب أن تبدأ أسئلة الإصلاح في السودان، هل الحرب التي انعشت الشعور الوطني عند الشباب، و الذين أقبلوا على حمل السلاح لكي يقدموا أرواحهم رخيصة للوطن، قادرين على التغيير بعد الحرب و كيف؟ هل يقبل أن يكون اقتصاد البلاد مقسما إلي اجزاء، بعض يكون تحت رقابة الدولة، و أخر لا يخضع لرقابة الدولة، و لا يستفيد منه المواطنون..؟ هل تصبح مؤسسات الدولة الرقابية و الأمنية و المالية تخدم فقط مجموعة من الناس بعينها، و مؤسسات أخرى بعيدة عن رقابتها؟ أم يجب أن يكون الكل خاضعا للرقابة المالية من قبل الدولة، و كل المعاملات المالية يجب أن تمر عبر المؤسسات المالية و البنوك؟ أن كل النظم السياسية التي مرت على السودان كان ينقصها الشفافية و النزاهة بسبب علو المصالح الخاصة على المصالح القومية و كيف يمكن أن ينعكس هذا الوضع؟ اسئلة عديدة تحتاج إلي إجابة لكي يتعرف المواطنون على مستقبل السودان بعد الحرب…

قال قائد الجيش في إحدى خطبه؛ أن عمر جيش السودان أكثر من 100 عام، و لكن كانت إستراتيجيته طوال كل هذه السنين الأعتماد على أسلحة الدفاع، و لم يشتر أسلحة هجومية، الآن أثبتت الحرب أن السودان لابد أن يعدل هذه الاستراتيجية، و لابد أن يكون في البلاد جيش مهني واحد تقدم له كل الاحتياجات المطلوبة من أجل حماية البلاد و السيادة.. و أثبتت الفترة الانتقالية أن البلاد كانت مفتوحة لكل مخابرات العالم، و تدخل الدول الغربية و الإقليمية و الجوار في الشأن السياسي في البلاد، و كانت هناك حالة من الصمت من قبل السلطة و الأحزاب السياسية دون أن يكون لها أمر بوقف هذه المهازل.. لذلك لابد من الاهتمام بجهاز الأمن و المخابرات و تقديم كل ما يحتاجه لكي يؤدي دوره في حماية البلاد من المؤامرات الخارجية و الداخلية.. لا يتدخل في الصراع السياسي الداخلي بين الأحزاب، و لكنه يكشف كل العناصر التي عندهم القابلية لخدمة الأجندات الخارجية. البلاد تحتاج إلي قوى سياسية مسؤولة لها رؤية و تقدم مشاريع للبناء و النهضة، و ممارسة الحرية بمسؤولية، و أجهزة إعلام قوية تكشف كل التجاوزات إذا كانت من أفراد أو مؤسسات، و المراقبة المالية على المؤسسات.. أسئلة عديدة تحتاج إلي إجابات يجب أن يشارك فيها الكل من أجل وطن معافى و ناهض في المستقبل.. نسأل الله حسن البصيرة…

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات