الحرب أبانت جوانب الخلل والقصور في الدولة والذي يتصدره الخلل الإداري الذي كاد أن يذهب بهيبة الدولة.فالحكومة المركزية غائبة أو مغيبة والمعالجات تتم اجتزاء كما حدث مؤخراً في شأن التعيينات الأخيرة إن في المركز أو الولايات والتي تلتها تصريحات الفساد من قادة مجلس السيادة المنغمسين في الشأن التنفيذي.ثمة تردد لايزال يكتنف إرادة الدولة في تسمية رئيس للوزراء بكامل الصلاحيات ليتفرغ القادة العسكريون للملف الأمني الذي بات يهدد مقر الدولة وعاصمتها الإدارية في بورسودان.كذلك لابد من مراجعة الأداء العسكري ومعالجة السلبيات ومحاسبة المقصرين المتقاعسين حتى لاتتكرر الأخطاء كما حدث من سنجة ومدني وصولاً إلى الخوي والنهود في دار حمر مؤخراً وهنالابد من توجيه صوت شكر مستحق للإدارة الأهلية فيها ممثلة في نظارتهم لمواقفهم الوطنية الثابتة وانحيازهم للجيش والدولة في معركة الكرامة وإسهاماتهم المقدرة المستمرة في الشأن القومي منذ فجر الاستقلال.
إن أبرز مظاهر الخلل التي ينبغي التصدي لها انتشار القوات والسلاح خارج منظومة الدولة وفي غير مناطق النزاعات وفيهم عصابات إجرامية وكل هؤلاء يمكن لهم ويمنحوا غطاء شرعياً ليعيثوا في الأرض فساداً دون محاسبة ومايحدث في ولايتي الشمالية ونهر النيل شواهد إذ فتحت لهم مكاتب وتتسيقيات ليتمددوا ويفرضوا “أتاوات” وينهبوا المعدنين ويشتغلوا بالتهريب وتخريب الاقتصاد ربما علينا أن ندرك أن الدولة لاتحرر الأرض أو تبسط الأمن بأمثال هؤلاء فهم مهدد أمني يجب حسمه قبل أن يتمكن ويتمدد ويتفاقم ويعيد إنتاج الأزمة التي وسيناريو مليشيا الدعم السريع وتمردهم الذي هدد الدولة في وجودها.
وما دمنا نتحدث عن الخلل الإداري لابد من الإشادة والإشارة إلى تلكم النماذج المضيئة وسط هذه العتمة وخير من يمثل هؤلاء العاملين المجاهدين المجدين والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة الذي التزم ولايته ولم يبرحها في أحلك الظروف فكلما تقدم الجيش والمستنفرين مطهرين بقعة جاءت السلطة التنفيذية في ركابهم “بتكاياها” وخدماتها وشرطتها.لقد ضرب المثال وقدم القدوة للقائد الميداني العامل في ظرف استثنائي لولاية طالها الدمار الذي لم تسلم منه حتى المرافق الخدمية كالمستشفيات ومحطات المياه والكهرباء وتدهور البيئة والأمراض الوبائية كالكوليرا إلى غير ذلك من التحديات التي رسمت خطوطها في جبينه فشحب وعلا الرهق محياه.
إن إدارة الدولة والحرب ياسادة تحتاج لمنهج ولسند منظم وإرادة شعبية “مجلس تشريعي” مثلما تحتاج لتسريح العاطلين المقيمين في العاصمة الإدارية وتحتاج كذلك لحسم الخونة واقتلاع الفاسدين من مواقعهم.وتقديم من هم على شاكلة والي الخرطوم.
لابد للدولة أن تطهر صفوفها وتتخلص من الحمولة الزائدة والترهل بدءاً من مجلس السيادة نفسه.كما عليها أن تتحرر وتتحلل من الوثيقة الدستورية التي كرست لمانحن فيه.وأن تحسم أمرها عمليا في شأن العلاقات والمفاوضات والتدخلات الخارجية وأن تشرع في رسم معالم الفترة الانتقالية ومطلوباتها بدءاً من إعادة الإعمار وبناء وتقوية أجهزة الدولة خاصة الرقابية منها.وقبل ذلك عليها أن ترمي بثقلها في معركة الكرامة حسما للتمرد وضرباً لحلفائه في الداخل كانوا أم خارجيا.