الأحد, أغسطس 3, 2025
الرئيسيةمقالاتصناعة الفرحة في زمن الأحزان... ...

صناعة الفرحة في زمن الأحزان… بقلم / محمد فتح الرحمن بشير

في عالم يثقل كاهله بالأزمات، وتغمره أخبار الحروب، الفقد، والوحدة، يبدو الفرح وكأنه عملٌ بطولي، ومهمة شبه مستحيلة. لكن في الحقيقة، الفرح في زمن الأحزان ليس إنكارًا للواقع، بل هو فعل مقاومة، وصناعة وعي، وإعادة تشكيل للعاطفة تحت وطأة الظروف الصعبة.
علميًا، الفرح ليس شعورًا غامضًا يظهر من العدم، بل هو نتيجة لنشاط دماغي وكيميائي يمكن تحفيزه. إفرازات مثل الدوبامين والأوكسيتوسين والسيروتونين ترتبط بممارسات إيجابية كالعطاء، الضحك، ممارسة الامتنان، وحتى التأمل. إذًا، حتى في عز الألم، يمكن للإنسان أن يخلق لحظات فرح صغيرة تُبقي على اتزانه النفسي.
عاطفيًا، لا يعني صنع الفرح إنكار الحزن أو تجاهل الألم، بل هو اختيار الوعي بأن الحياة ليست أبيض أو أسود، وأن لحظات النور تستحق أن تُمنح مجالها رغم كثافة العتمة. فأن تبتسم في وجه طفل، أو تقدم كلمة طيبة، أو تستمع لموسيقى تحبها، هو بحد ذاته إعلان صامت بأنك ما زلت قادرًا على الحياة رغم كل ما يحدث.
صناعة الفرح في زمن الأحزان هي شكل من أشكال الشجاعة. هي قرارٌ داخلي بأن لا تترك الحزن يتحول إلى هوية، ولا الألم إلى إقامة دائمة. هي وعيٌ بأن الإنسان ليس مجرد ضحية للظروف، بل كائن فاعل يملك القدرة على تحويل لحظاته، ولو بصمت.
في النهاية، لسنا مطالبين بأن نكون سعداء طوال الوقت، ولكننا مدعوون للبحث عن لحظات سلام وسط الضجيج، وعن ابتسامات صادقة وسط الدموع. فالفرح، في زمن الأحزان، ليس ترفًا… بل حياة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات