الجمعة, يونيو 20, 2025
الرئيسيةمقالاتبين أزيز الرصاص.. تُزهِر الأقلام .. ...

بين أزيز الرصاص.. تُزهِر الأقلام .. بقلم د.إسماعيل الحكيم..


سويعات قليلة، ويشهد السودان حدثًا لا يشبه سواه في هذا الزمن الاستثنائي.. حدثٌ يُنبت من بين ركام الحرب زهرة أمل، ويبعث في القلوب رجفة اعتزاز وثقة بالمستقبل إعلان نتيجة الشهادة الثانوية السودانية.
إنها لحظة لا تُقاس بالأرقام، بل تُقاس بالصمود، بالإرادة، وبحجم التحدي الذي تجاوزه أبناؤنا وبناتنا. ففي زمنٍ تعطلت فيه المصانع، وتوقفت فيه الجامعات، وسكنت فيه الحياة في كثير من المدن، أصرّ هؤلاء الفتية والفتيات على أن يكتبوا مستقبلهم بالحبر لا بالدم، وبالكتب لا بالبندقية.
نجاح الطلاب هذا العام ليس مجرد تفوق دراسي.. إنه نصر وطني بكل المقاييس. هو شهادة أن أبناء السودان كانوا قدر التحدي، وأنهم حملوا على أكتافهم مسؤولية الأمل في زمنٍ ثقيلٍ ومظلم.
كما أنه إنجاز يحسب لوزارة التربية والتعليم التي أبت إلا أن تُكمل المسيرة رغم الصعاب، وللمعلمين والمعلمات الذين حملوا رسالتهم كأنها طوق نجاة للوطن، ولبوا نداء واجبهم التربوي في أقسى الظروف. وللحكومة التي وفرت ما استطاعت في خضم الأولويات الثقيلة، فكل الشكر لمن أبقى على نار التعليم مشتعلة في ليالي الحرب الطويلة.
لكن العبرة الكبرى، والدلالة الأعمق، ليست في إعلان النتيجة فقط، بل في إصرار السودان على استمرار دورة الشهادة نفسها. هذا هو الإنجاز الحقيقي أن لا تنهار منظومة التعليم، أن لا يُحرَم الجيل من فرصته، وأن يبقى العلم صامدًا كأحد أعمدة البناء الوطني في وجه العواصف.
هذا يوم للفرح، للتهنئة، للزغرودة في قلوب الأمهات، للدموع التي تختلط بالابتسامة. يومٌ يقول للسودانيين جميعًا: أنتم تصنعون الحياة من وسط الموت، وتكتبون النور من قلب العتمة.
فلنقف احترامًا للطلاب، واعتزازًا بالمعلمين، وامتنانًا لكل من آمن بأن العلم ضوءٌ لا يُطفأ.. وأن السودان، رغم جراحه، لا يزال حيًا ينبض بالأمل. Elhakeem.1973@gmail.com

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات