الأربعاء, أبريل 23, 2025
الرئيسيةسياسةمن بورتسودان.. هنا نواكشوط ...

من بورتسودان.. هنا نواكشوط المصطفي الداه صهيب

ليست العلاقات بين موريتانيا والسودان مجرّد تواصل ديبلوماسي تمليه الأعراف الدولية، بل هي وشائج ممتدة في شرايين الجغرافيا الثقافية، ومنابع التاريخ، ونبض العروبة والإسلام.
وفي هذا السياق كانت زيارة وفدنا إلى السودان، لا كتحية عابرة على ضفاف النيل، بل كوشوشة أخوّة على شطآن الوادي والواحات، وكأنّها تعيد صوغ رسالة قادمة من عمق الأزمنة.
السودان الآمن المنتصر المتعالي على الجراح يستحق منا أن نؤدي له زيارة، ترعى القربى وتصل الرحم.
وفدنا المشكل من نواب من الحزب الحاكم له الشرف أن كان أول وفد برلماني عربي يغذ السير إلى السودان الحبيب، بعد الانتصارات المتلاحقة التي سطرها أبطال الجيش السوداني.

موريتانيا والسودان، وإن باعدت بينهما المسافات، غير أن وحدة اللسان والدين والمصير نسجت بينهما نسيجاً من التآلف لا تنفصم عراه. كلا البلدين يقف على تخوم الصحراء، يعارك شظف الطبيعة، ويتكئ على كنوز من الشعر والتصوف والعلم والكرم.
هذا اللقاء البرلماني سيكون تجسيدا لتلك المشتركات، ومناسبة للتأكيد على أنّ علاقات الشعبين أو الشعب الواحد لا تختزلها البيانات الرسمية، بل تنبع من وجدان متشابك، ومن تراث يحكيه المحاضرون في شنقيط، ويردده الدراويش في أم درمان.

لم تكن هذه الزيارة مجرّد بروتوكول، بل ستكون خطوة باتجاه خلق سفارة برلمانية سودانية في موريتانيا والوطن العربي والعالم، وحيث تصل أصواتنا.
لم يفاجئنا ما حظينا به من حفاوة واستقبال شعبي ورسمي، يعكس التقدير العميق الذي يكنه السودان لبلاد شنقيط، أرض المعلقات والفتيا والعلم الرحّال.

إنّ في هذه الزيارة ما يُعيد الاعتبار لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين أبناء المشرق والمغرب، وبين ضفتي الوطن العربي الممتد من موريتانيا إلى الخليج. فليست العلاقة بين نواكشوط والخرطوم علاقة هامشية، بل هي امتداد لأزمنةٍ كان فيها العلماء الموريتانيون يحجّون إلى الأزهر ويستقرّ بعضهم في السودان، وكان فيها السودانيون يستلهمون من تراث غرب إفريقيا الروحانية والزهد والعلم الشرعي.

وإذا كانت السياسة كثيراً ما تعثّرت في أن تسير على خطى الشعوب، فإن زيارتنا هي إيذان بمواصلة مسار الترابط الذي جسده الرئيسان محمد ولد الشيخ الغزواني وعبد الفتاح البرهان، الذي تشرفت بلادنا بزيارته مؤخرا.
في الخرطوم، بدا صوت نواكشوط مألوفاً، وكأنّ الضاد تهمس لذاتها في مرآة الزمن. وفي هذه الرحلة البرلمانية، لم تكن الخطابات وحدها تتحدث، بل التاريخ أيضاً… كان يقول: ما أوسع الوطن حين يُبنى على وجدانٍ مشترك.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات