أقام حزب “التجمع الاتحادي” ندوة على الوسائط اللإعلامية و خدمة ” Zoom ” تحدث فيها كل من قريب الله محمد الحسن الأمين العام و الدكتور حسام كركساوي و الدكتورة هبة حسين.. أقيمت الندوة بمناسبة ذكرى ثورة ديسمبر و مرور عامين على الحرب الدائرة في السودان، جذبني إلي الندوة: أن حزب التجمع الاتحادي قدم فيها مشروعا سياسيا يعتبره مدخلا للحوار الوطني من أجل إيجاد حل للصراع السياسي الدائر في السودان إلي جانب المشكلات الاقتصادية و التنموية و السياسية..
بدأت الدكتور هبة حسين الندوة بفزلكة ٠تاريخية، استعرضت فيها مقارنة بين النظم الديكتاتورية و الديمقراطية، و مؤشرات الفساد في عدد من الدول وفقا لنظمها السياسية، أرادت بها أن تبين الفوارق الجوهرية بين النظم الديمقراطية و النظم الشمولية، و كل ذلك كان تمهيدا لطرح مشروع السودان العظيم.. ثم تحدث الدكتور حسام كركساوي الذي أشار أن أزمة السودان هي ٠غياب المشروع الذي يلتف حوله الناس، و الاختطاف الذي حدث للدولة.. و قال أن الحرب جاءت لفشل القوى السياسية و العسكرية في بناء دولة المواطنة، و كانت تميل إلي التسويات الهشة، إلي جانب التدخلات الخارجية في الشأن السياسي السوداني بهدف أن تغذي الصراع طمعا في ثروات البلاد.. و بين أن المشروع يتكون من خمسة عناصر أساسية هي :-
1 – السيادة للشعب وفقا لمؤسسات ديمقراطية حقيقية يتم انتخابها من قبل الشعب، و هذه المؤسسات يجب أن تؤدي دورها الوطن بجدارة..
2 – تأسيس مؤسسة للقضاء العادل؛ و قد أسماها العدالة التي يجب أن تنعكس في السياسة و الاقتصاد و التنمية، و حماية حقوق المواطنين ..
3 – لابد أن تكون هناك شفافية و نزاهة في القيادات و المؤسسات لكي تبين عدالة الحكم، و في نفس الوقت حماية حقوق المواطنين، و لكي تكون الشفافية و النزاهة موجود تحتاح بالفعل لفصل بين السلطات، و خلق إعلام حر قادر على النقد و كشف الأخطاء دون مواربة.
4 – تأسيس جيش وطني مهني واحد، و غير مؤدلج و غير سياسي، و أن لا يكون هناك سلاحا خارج الجيش..
5 – لابد من دستور يحكم البلاد، و قد رشح دستور 2005 إذا وافقت عليه القوى السياسية، أو أية دستور يتم الاتفاق عليه عبر حوار وطني…
ثم أنتقل كركساوي ليتحدث عن الآليات التي يقع عليها عبء تنفيذ المشروع، و خارطة طريق لوقف الحرب، و بدأ الشروع في قيام الدولة المدنية، و استرايجية للأمن التربوي، و حاضنة سياسية… لكن السؤال: إذا كان كان هناك برلمان ما هو دور الحاضنة السياسية؟.. البرلمان يجب أن يشمل كل التيارات السياسية، لذلك سوف ينتقل تلقائيا الصراع السياسي من الفضاء العام إلي المجلس التشريعي أو البرلمان.. الحاضنة السياسية تأتي فكرتها عندما تغيب المؤسسة التشريعية لآن الصراع السياسي أغلبه يدور في قضايا التشريعات و القوانين..
ثم تحدث أخيرا قريب الله محمد الحسن الأمين العام للتنظيم؛ حيث عرف في بداية حديثه المشروع بأنه يعد ثمرة حوار متصل وتناول الأزمة السياسية في البلاد، و أبعاد الأزمة و تداعياتها، فكان الوصول إلي ” مشروع السودان العظيم” الذي قال يجب أن يرتكز على الحل السوداني السوداني، و على أن يشمل كل القوى السياسية دون استثناء.. و قال لابد أن يقدم الكل تنازلات من أجل الحفاظ على الدول و تاريخها و إرثها،مؤكدا أن التفاف الشعب مع القوات المسلحة قد اعطاها الثقة في أن تستعيد كل المناطق التي كانت تحتلها الميليشيا، و أشار في حديثه للفراغ الدستوري الذي استمر أربعة سنوات، و الذي بدأ قبل الحرب، و أن السودان يحتاج إلي تشكيل حكومة لكي تقوم بإعادة البناء و التعميير و حلحلة مشاكل الناس و توفير الخدمات إليهم، و أن تكون هناك جمعية وطنية تراقب عمل الحكومة و تقوم بالتشريعات التي تتطلب المرحلة.. و أخيرا تحدث عن مساومة تاريخية بين القوى السياسية و العسكرية للوصول إلي علية التحول الديمقراطي..
الملاحظ في الحوارات السياسية: البعض يحاول أن يقدم تساؤلات محرجة ليس الهدف منها فهم المشروع و محاولة تطويره..
إذا جئت لندوة لحزب سياسي لابد من معرفة المرجعية الفكرية للحزب، لآن المرجعية تبين الأساس الفكري الذي بني عليه المشروع.. فالاتحاديون نضالهم من أجل تأسيس دولة ديمقراطية، و التحول الديمقراطي لا يؤسس على الثورية، أنما على الحوار الوطني الجامع، لآن الديمقراطية تتطلب التوافق الوطني و القوانين و اللوائح التي تحكم الجميع.. فالثورية بالنسبة للاتحاديين استلاف من ثقافات يسارية ليس لها أية علاقة بالديمقراطية..
هناك أسئلة محاولة الإجابة عليها تعد استهلاكا للوقت دون ثمرة مرجوة، و تبعد الناس عن الحوار الجاد على المشروع، فهي أسئلة الهدف منها التعجيز أو وضع شروط للمشروع..
أن المشروع نفسه هو بيحدد شروطه التي تقود للرفض أو الاتفاق عليه، و دون الدخول في جدل بيزنطي لا يتوقع منه الفائدة لتطويره.. فإذا كان هناك حزبا قد رفض التحول الديمقراطي يصبح تلقائيا ليس له علاقة بالمشروع و لا بالحوار معه، و إذا كان هناك من يوافق عليه كأجندة حوارية يمكن البناء عليها، هل يقال له لا لأنك من الحزب الفلاني.. فكل حزب عليه أن يقدم رؤيته و يطرحها على الناس، و الرؤية هي التي تحدد اتساع و ضيق مساحة الحوار.. في الختام الشكر أجزله للأشقاء في ” التجمع الاتحادي” الذين نظموا الندوة و قدموا مشروعهم السياسي لكي يفتحوا نوافذا للحوار الوطني.. نسأل الله حسن البصيرة…