السبت, أبريل 19, 2025
الرئيسيةمقالات"دارفور" والتهميش المزعوم بروفيسور / بله احمد بلال

“دارفور” والتهميش المزعوم بروفيسور / بله احمد بلال

حين تتحدث الأرقام ويسكت الادعاء، كثيراً ما يُثار في الخطاب السياسي والإعلامي أن دارفور عانت من تهميش ممنهج في ظل النظام السابق، حتى بات هذا الزعم أقرب إلى المسلمات في ذهن البعض. لكن حين نحتكم إلى لغة الأرقام والحقائق الموثقة، يظهر لنا وجه آخر للقصة، يختلف تمامًا عن السردية الشائعة، ويدعونا إلى إعادة النظر بحياد وإنصاف، في مجال التعليم العالي، لم يكن في دارفور أي جامعة قبل العام 1990. ولكن خلال سنوات النظام السابق، تأسست خمس جامعات حكومية، امتدت من الفاشر إلى نيالا، ومن زالنجي إلى الجنينة، ثم الضعين، تباعًا في أعوام: 1990، 1994، 1994، 2014، و2016. وهو تطور كبير لم تشهده كثير من ولايات السودان الأخرى، وعلى صعيد التعليم العام، تم بناء 516 مدرسة ثانوية، و2,574 مدرسة أساس، إلى جانب 780 مدرسة للرحّل، و1,843 روضة أطفال، حتى عام 2016. وهي أرقام تعكس استثمارًا كبيرًا في البنية التحتية التعليمية.
أما في قطاع الصحة، فقد تم إنشاء 60 مستشفى و225 وحدة صحية، كما ارتفع عدد الأطباء الأخصائيين من 8 إلى 94، والعموميين من 98 إلى 353، ما يشير إلى تطور ملحوظ في توفير الرعاية الصحية للمواطنين، وفي جانب الخدمات والبنية التحتية، تم إنشاء 14 محطة إذاعية، وحُفرت 428 بئر مياه، وركبت 300 طلمبة. كما بلغت تكلفة مشروعات الطرق والجسور 2 مليار و394 مليون جنيه، وأُعيد تأهيل خط السكة الحديد بتكلفة 240 مليون جنيه، على مستوى التمويل القومي، نالت ولايات دارفور 83% من نسبة التحويلات القومية، في حين لم تتجاوز هذه النسبة 45% في بقية ولايات السودان. بل إن نسبة الاستفادة من صناديق التنمية والإعمار في دارفور وصلت إلى 106%، بينما كان المتوسط لبقية الولايات 38% فقط، وقد خُصص لطلاب دارفور مبلغ 62 مليون و531 ألف جنيه في إطار اتفاقية دعم بدأت عام 2010، كما ارتفع الدعم المقدم للأسر الفقيرة من 28 مليون إلى 272 مليون جنيه، وفي الجانب السياسي، شارك أبناء دارفور في السلطة بنسبة ملحوظة: 38% من وزراء الدولة، و24% من الوزراء الاتحاديين، كما بلغت مشاركة المرأة الدارفورية 13% في الجهاز التنفيذي و26% في الجهاز التشريعي، وهي نسب لا يمكن تجاهلها، فأين هو التهميش إذًا..؟؟
وهل كانت دارفور وحدها في مرمى (الإهمال) أم أن كثيرًا من ولايات السودان الأخرى، مثل الشمالية ونهر النيل، لم تنل من التنمية إلا القليل، رغم أنها لم تحمل السلاح ولم تبتز الدولة؟! المفارقة المُرّة أن البعض ممن يتحدثون اليوم عن مظلومية دارفور، يدعون صراحة إلى استباحة ولايات الشمال وقتل أهلها، بزعم أنهم كانوا مفضلين ومتنعمين، بينما الحقائق تشير إلى غير ذلك تمامًا.
الخلاصة: العاقل يميز، ولا يُخدع بالشعارات.
ولعل في هذا المقال دعوة لإعادة قراءة التاريخ القريب، بعيون وطنية عادلة، لا تنظر من زاوية الجغرافيا أو القبيلة، بل من منطلق الحرص على الحقيقة والعدالة للجميع.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات