فى مناداته للثورة والبحث عنها فى التاريخ..
الأبعاد… الأعياد ، أبدع شاعرنا الفقيد الدوش وهو يضع أحزان عيون الناس نتيجة (للضل الوقف مازاد) … والرمزية هنا أن سقوط الديكتاتورية واكتمال التحول الديمقراطي رهيناً بالانتصار على الدولة العميقة (ظل الديكتاتورية)… انقلاب ١٢ أبريل ١٩ بقيادة ثنائى الشر (البرهان وحمدتى)جسد هذا الواقع بصورة كاملة، وأعتقد جازماً أن مدارس العلوم السياسية لديها الان مرجعية وتجربة تكشف مدى خطورة الدولة العميقة فى المرحلة الانتقالية التى تشارك فى عملية الانتقال بحكم تواجدها وسيطرتها على جهاز الدولة وكل مفاصلها…!!
التجربة السودانية وصفت الدولة العميقة بالثورة المضادة وذلك لان مصدر الخطورة على الثورة ليست الدولة العميقة بل هنالك امتدادات سياسية للقوى التى انهارت بين الترهيب والترغيب …!!!
تطورت تجربة الثورة السودانية بحكم تجربتها الطويلة وتوصلت إلى ان جوهر الصراع فى ما قبل المرحلة الانتقالية وبعدها هو بيّن الديمقراطية وأعداؤها… ومن هنا يمكن مناقشة الأزمة الوطنية من خلال طبيعة الصراع … وبنفس القدر الذى اكتسبت فيه الثورة وقواها الديمقراطية التجارب، اكتسب ايضاً أعداء الديمقراطية تجارب فى تفشيل مرحلة التحول الديمقراطى وقطع الطريق لتحقيق الدولة المدنية الديمقراطية المعبرة عن أشواق الحركة الجماهيرية …
استناداً على أن الصراع بين الديمقراطية وأعداؤها نقف امام التجربة الحالية والتى كشفت كيف يمكّن لاعداء الديمقراطية ان يصلّوا لاقصى مدى فى العداء دون مراعاة للنتائج المترتبة لهذا العداء وتقف الإبادة الجماعية … الدمار الشامل … تمزيق النسيج الأجتماعى شواهد على مستوى العداء للديمقراطية … وبشهادة كل الدول والمؤسسات المتخصصة ان حرب السودان الحالية هى الحرب الوحيدة عالمياً التى افتقدت لأخلاقيات الحروب من حيث ضمانة وسلامة المدنيين الذين استهدفتهم الحرب اكثر من (الجيوش المتقاتلة)، والأسواء من كل ذلك انها حرب تقودها المليشيات الذين لايمكن للباحث حصرهم ففى كل يوم تظهر مليشيا جديدة … واذا كانت زريعة الحرب القضاء على مليشيا متمردة، فكيف يمكن (صناعة) مليشيات جديدة … صحيح ان هذا الوضع المشين تفسره طبيعة مشروع الحركة الإسلامية والذى تنفذه دولتهم العميقة ممثلة فى قيادة الجيش الحالية وهو مشروع (عسكرة السودان)، كخطوة استباقية تمهّد للحروبات الأهلية والتى يتم تهيئة الاجواء لها عبر تمديد امد الحرب … ارتفاع الخطاب العنصرى … تغييب العدالة وسيادة القانون … تحجيم دور القوات النظامية وإطلاق عنان المليشيات … تشوية صورة كلّ المناضلين من اجل الديمقراطية والسلام ….
إذاً فمشروع الحرب جزء من تخطيطات أعداء الديمقراطية… وأفشال هذا المشروع يتطلب وحدة الحركة الجماهيرية وأول خطوات الوحدة ضرورة الاتفاق بأن الحرب ليست حلاً ولا تحمل معها مستقبلاً جيداً للوطن ومن هنا هنالك ضرورة بتجاوز الخطاب الانقسامي باسم (مع او ضد) … وإذا كانت مرجعية الثورة هى السلمية فكيف يمكن القبول بالحرب كوسيلة للوصول للسلطة ؟؟
الحل يكمن دايماً وابداً فى وحدة الحركة الجماهيرية تحت شعار (لا للحرب)
د/ محمد المهدى نصر
الولايات المتحدة الأمريكية
ولاية أيوا … كوراڤيل