حين نتأمل في تجارب الشعوب التي نهضت بعد عقود من الأزمات والصراعات، نجد أن القاسم المشترك بينها جميعاً هو التغيير العميق في سلوك الأفراد والمجتمع. فالسودان، برغم ما يملكه من موارد طبيعية وبشرية، ظل يعاني من مظاهر السلوك السالب التي أعاقت تقدمه وعرقلت مساره نحو التنمية الحقيقية
مظاهر السلوك السالب عديدة، منها: الاستهانة بالوقت، التقاعس عن أداء الواجبات العامة، الاستغلال الشخصي لموارد الدولة، ضعف الإحساس بالمسؤولية الجماعية، وعدم احترام النظام والقانون. هذه التصرفات وغيرها هي التي تُثقل كاهل الوطن وتعيق حركته نحو المستقبل.
لكن الطريق إلى التغيير ليس مستحيلاً. يبدأ أولاً بالاعتراف بوجود المشكلة، ثم بالإرادة الصادقة لإحداث التحول. المطلوب هو نشر ثقافة السلوك الإيجابي: احترام الوقت، تقدير قيمة العمل مهما كان بسيطاً، الالتزام بالقانون، تقديم المصلحة العامة على الخاصة، والتعاون بروح الفريق من أجل الوطن.
ليس التغيير مسؤولية فرد أو جهة بعينها، بل هو واجب جماعي. على الأسرة أن تغرس هذه القيم في الأطفال منذ الصغر، وعلى المدارس أن تجعل من التربية السلوكية محوراً أساسياً في مناهجها، وعلى الإعلام أن يروّج للنماذج الإيجابية، وعلى الدولة أن تدعم وتكافئ السلوك الإيجابي في كل الميادين.
فليكن شعارنا: “السودان ينهض بسلوك أبنائه”. ولنبدأ جميعاً، كلٌّ من موقعه، في هذا التحول الذي سيعيد للوطن مجده ويحقق لأبنائه طموحاتهم