في واحدة من أبشع الجرائم التي عرفتها أرض السودان، ارتكبت مليشيات الدعم السريع مجزرة مروعة في مخيم زمزم للنازحين، راح ضحيتها أكثر من 450 نفسًا بريئة، بينهم نساء وأطفال وشيوخ لا ذنب لهم سوى أنهم احتموا بمخيم فقير من قشّ وتراب، بحثًا عن الأمان.
لم تكتفِ المليشيات بالإعدام الميداني لـ 45 مدنيًا بدمٍ بارد، بل أحرقت المخيم بالكامل، وشرّدت من تبقى من سكانه. خرج من نجا سيرًا على الأقدام في الصحراء بلا طعام، بلا ماء، بلا دواء، نحو المجهول، وسط صمتٍ مخزٍ من العالم، وعجزٍ كامل من الجهات الرسمية.
هذا هو مخيم زمزم، ليس ثكنة عسكرية، ولا مقرًا لفلول النظام السابق كما تدّعي المليشيا المجرمة، بل مخيم نزوح بائس، لا يملك سكانه سوى ما يسد رمق الجوع. فأي نصرٍ هذا الذي يتحقق على أجساد الجوعى والمحرومين؟
وأي دولة مدنية تُبنى على أشلاء الأطفال والنساء؟
وأي مشروع ديمقراطي يبدأ بالإبادة الجماعية؟
إن ما جرى في زمزم لا يمكن تبريره ولا التستر عليه. إنها جريمة ضد الإنسانية يجب أن تُحاسب عليها كل يد شاركت، أمرت، أو سكتت. التاريخ لا ينسى، والدماء لا تجفّ دون ثمن.
ونحن في هذا المقام، نناشد أحرار العالم والمنظمات الأممية والإنسانية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، ومنظمة الصليب الأحمر، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن يتحركوا فورًا لتقديم الإغاثة والمأوى للناجين من مذبحة مخيم زمزم، الذين يعيشون الآن في العراء بلا غذاء ولا ماء ولا دواء.
لا تتركوهم يموتون مرتين: مرة بالرصاص، ومرة بالإهمال.
نناشد الشرفاء داخل السودان وخارجه أن يرفعوا الصوت عاليًا:
أنقذوا الناجين، حاكموا القتلة، لا لطمس الحقيقة، لا للصمت القاتل.
العدالة لا تسقط بالتقادم…
والضمير الإنساني يجب أن يصحو الآن، قبل أن تتحول زمزم إلى مجرد ذكرى دموية في دفتر النسيان.