عَشِقْنَا تُرَابَ الوَطَنِ رَغْمَ مَا نُعَانِي مِنْ مَرَارٍ، وَمَا لَنَا غَيْرُهُ، ذَاكَ الَّذِي يَسْكُنُ الوِجْدَانَ، وَوَطَنٌ دَاخِلَ وَطَنٍ يَجْمَعُنَا.
لَهَا مُسَمَّيَاتٌ عِدَّةٌ، عَصِيَّةٌ عَلَيْهِمْ، فَاشِرُ الصُّمُودِ، أَرْضُ الفُرْسَانِ.
مُنْذُ أَنْ أَبْصَرَتِ العَيْنَانِ نُورَ الشَّمْسِ وَحُلُمُنَا بِالحُرِّيَّةِ وَالعَدَالَةِ وَالسَّلَامِ، كُنَّا دَاخِلَ سُجُونٍ، دَاخِلَ قُبُورٍ، أَحْيَاءٌ أَمْوَاتٌ، نَبْتَسِمُ رَغْمَ كُلِّ شَيْءٍ يَحْدُثُ لَنَا.
دَاخِلَ سُجُونِ الوَطَنِ رَسَمْنَا أَحْلَامَنَا، تَمَسَّكْنَا بِهَا، نَفْرَحُ وَنُغَنِّي فِي حُبِّ الوَطَنِ.
تُشْرِقُ الشَّمْسُ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَكِنْ لَا نَرَاهَا، حُرِّيَّةٌ نُزِعَتْ نَزْعًا مِنْ دَاخِلِ أَجْسَادِنَا، وَالْآنَ نُقَاتِلُ مِنْ أَجْلِ البَقَاءِ وَالصُّمُودِ.
مَا يُدَرَّسُ الْآنَ تَارِيخٌ خَاصٌّ وَمَجْدٌ يُخَلَّدُ. نَحْنُ خَالِدُونَ.
نَنْزِفُ فِي صَمْتٍ، وَمُعَسْكَرَاتٌ تُنَاضِلُ، وَفَارِسَاتُنَا هُنَّ مَيَارِمُ، هِيَ الأُمُّ، الأُخْتُ، وَالزَّوْجَةُ، الصَّدِيقَةُ وَرَفِيقَةُ الدَّرْبِ، وَأَيْضًا هِيَ الرِّقَّةُ وَالعَطْفُ وَالحَنَانُ.
هِيَ…
القَائِدَةُ العَظِيمَةُ، مَنْ فَارَقَتْ فِلْذَاتِ كَبِدِهَا، مَنْ اسْتَوْدَعَتْ زَوْجَهَا، مَنْ دُثِّرَتْ تَحْتَ التُّرَابِ أَخَاهَا، مَنْ جَاهَدَتْ وَخَسِرَتْ كُلَّ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ قَضِيَّةِ الوَطَنِ وَالدِّفَاعِ عَنْ تُرَابِ أَرْضِهِ!
مَنْ حُرِمَتِ الهَنَاءَ بِحَيَاةٍ رَغِدَةٍ؛ مِنْ أَجْلِ إِيمَانِهَا التَّامِّ بِأَنَّ فَجْرَ الحُرِّيَّةِ وَالسَّلَامِ قَادِمٌ لَا مَحَالَ.
مَنْ دَافَعَتْ بِكُلِّ مَا لَهَا مِنْ قُوَّةٍ دُونَ خَوْفٍ أَوْ رُجُوعٍ لِلْوَرَاءِ.
هِيَ عَرُوسُ البَحْرِ الجَمِيلَةُ…
وَهِيَ كَمَاءِ نَهْرِ النِّيلِ فِي هُدُوئِهِ، أَمَانٌ وَقُوَّةٌ وَحِكْمَةٌ.
هِيَ مَنْ سَقَتْ أَبْنَاءَهَا مِنْ عَادَاتٍ وَتَقَالِيدِ سُودَانِنَا الحَبِيبِ، وَهِيَ أَيْضًا سَنَدٌ وَعَضُدٌ وَعَطَاءٌ لَا مَحْدُودٌ، دُونَ كَلَلٍ أَوْ مَلَلٍ. إِصْرَارُهَا عَلَى أَنَّهُ مَهْمَا ضَاقَتِ الأَزَمَاتُ، سَتُشْرِقُ شَمْسُ الحُرِّيَّةِ مِنْ جَدِيدٍ!
هِيَ الَّتِي قَدَّمَتِ الدَّعْمَ المَعْنَوِيَّ وَالنَّفْسِيَّ، مَنْ شَارَكَتْ فِي كُلِّ القَضَايَا.
لَهُنَّ الشُّورَى، وَحُكْمٌ حُكِمَ فِي حِكْمَةٍ.. فَهُنَّ (الحَكَّامَاتُ).
هُنَّ…
مَيَارِمُ فَاشِرِ السُّلْطَانِ.
هَنِيئًا لَكُنَّ كُلُّ هَذَا الفَخْرِ وَالصَّبْرِ العَظِيمِ، يَعْجِزُ فَصِيحِي عَنْ ذِكْرِ الأَسْمَاءِ، هُنَّ كُثُرٌ، وَلِكُلِّ مِيرَمٍ فِيهِنَّ دَوْرٌ، وَتَارِيخٌ وَمَجْدٌ عَرِيقٌ!
وَكُلُّ تِلْكَ الخُطُوَاتِ تَقُودُ إِلَى نَصْرٍ قَدْ تَمَّ وَنَصْرٍ قَرِيبٍ بِإِذْنِ اللَّهِ…
وَمَا مَنَحَنِي القُوَّةَ مِنْ أَجْلِ أَنْ أَكْتُبَ الحُرُوفَ فَخْرًا وَتَقْدِيرًا وَعِرْفَانًا…
يَقِفُ الآنَ هَذَا اليَرَاعُ حَائِرًا فِي كِتَابَةِ أَسْمَائِهِنَّ.
كَيْفَ يَكْتُبُ؟
وَهُنَّ فِي نُكْرَانٍ أَنْ تُذْكَرَ الأَسْمَاءُ، لِأَنَّ مَا قُدِّمَ وَيُقَدَّمُ وَسَيُقَدَّمُ لَيْسَ بِالأَمْرِ الجَلَلِ فِي سَبِيلِ وَحْدَةِ تُرَابِ هَذَا الوَطَنِ الحَبِيبِ.
سَارِعْنَ وَجَفِّفْنَ الدَّمْعَ وَجَعَلْنَ أَحْزَانَهُنَّ فِي قَاعِ بِئْرٍ.
وَبِخُطُوَاتٍ ثَابِتَةٍ، الآنَ فِي الصُّفُوفِ الأَمَامِيَّةِ يُقَدِّمْنَ الغَالِيَ وَالنَّفِيسَ مِنْ أَجْلِ نُصْرَةِ المَظْلُومِ وَرَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ حَوَّاءَ فِي أَنْحَاءِ رُبُوعِكَ يَا وَطَنُ.
لَكُنَّ مِنِّي كُلُّ حُبٍّ وَتَقْدِيرٍ، أَيَّتُهَا المَرْأَةُ الحَدِيدِيَّةُ،
مَيَارِمُ فَاشِرِ السُّلْطَانِ.
مِنْكُنَّ الرَّحْمَةُ، وَمِنْكُنَّ السَّلَامُ… وَسَلَامٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْكُنَّ.
سَلَامٌ وَأَمَانٌ، فَالعَدْلُ مِيزَانٌ.